ويا ربوع الحمى لا زلت ناعمة |
|
يبكي عهودك مضنى الجسم شاحبه |
يا من لقلب مع الأهواء منعطف |
|
في كل أوب له شوق يجاذبه |
يسمو إلى طلب الباقي بهمّته |
|
والنفس بالميل للفاني تطالبه |
وفتنة المرء بالمألوف معضلة |
|
والأنس بالإلف نحو الإلف جاذبه |
أبكي لعهد الصّبا والشّيب يضحك بي (١) |
|
يا للرّجال سبت جدّي ملاعبه |
ولن ترى كالهوى أشجاه سالفه |
|
ولا كوعد المنى أحلاه كاذبه |
وهمّة المرء تغليه وترخصه |
|
من عزّ نفسا لقد عزّت مطالبه |
ما هان كسب المعالي أو تناولها |
|
بل هان في ذاك ما يلقاه طالبه |
لو لا سرى الفلك السّامي لما ظهرت |
|
آثاره ولما لاحت كواكبه |
في ذمّة الله ركب للعلا ركبوا |
|
ظهر السّرى فأجابتهم نجائبه |
يرمون عرض الفلا بالسّير عن عرض (٢) |
|
طيّ السّجلّ إذا ما جدّ كاتبه |
كأنهم في فؤاد (٣) الليل سرّ هوى |
|
لو لا الضّرام لما خفّت جوانبه |
شدّوا على لهب الرّمضاء وطأتهم |
|
فغاص في لجّة الظّلماء راسبه |
وكلّفوا الليل من طول السّرى شططا |
|
فخلّفوه وقد شابت ذوائبه |
حتى إذا أبصروا الأعلام ماثلة (٤) |
|
بجانب الحرم المحميّ جانبه |
بحيث يأمن من مولاه خائفه |
|
من ذنبه وينال القصد راغبه |
فيها وفي طيبة الغرّاء لي أمل |
|
يصاحب القلب منه ما يصاحبه |
لم (٥) أنس لا أنس أياما بظلّهما |
|
سقى ثراه عميم الغيث ساكبه |
شوقي إليها وإن شطّ المزار بها |
|
شوق المقيم وقد سارت حبائبه |
إن ردّها الدهر يوما بعد ما عبثت |
|
في الشّمل منّا يداه لا نعاتبه (٦) |
معاهد شرفت بالمصطفى فلها |
|
من فضله (٧) شرف تعلو مراتبه |
محمد المجتبى الهادي الشّفيع إلى |
|
ربّ العباد أمين الوحي عاقبه |
أوفى الورى ذمما ، أسماهم همما |
|
أعلاهم كرما ، جلّت مناقبه |
هو المكمّل في خلق وفي خلق |
|
زكت حلاه (٨) كما طابت مناسبه |
__________________
(١) في الكتيبة : «لي».
(٢) في الأصل : «غرض» والتصويب من المصادر الثلاثة.
(٣) في الكتيبة : «سواد».
(٤) في نفاضة الجراب : «مائلة».
(٥) في الكتيبة : «ما أنس».
(٦) في نفاضة الجراب : «تعاتبه».
(٧) في الكتيبة : «من أجله».
(٨) في الكتيبة : «علاه».