شعره : وشعره (١) مترام إلى نمط (٢) الإجادة ، خفاجيّ (٣) النّزعة ، كلف بالمعاني البديعة ، والألفاظ الصّقيلة ، غزير المادة. فمنه في غرض النّسيب (٤) :
رضيت بما تقضي عليّ وتحكم |
|
أهان فأقصى أم أصافي فأكرم |
إذا كان قلبي في يديك قياده |
|
فمالي عليك في الهوى أتحكّم |
على أن روحي في يديك بقاؤه |
|
بوصلك يحيى أو بهجرك يعدم |
وأنت إلى المشتاق نار وجنّة |
|
ببعدك يشقى أو بقربك ينعم |
ولي كبد تندى إذا ما ذكرتم |
|
وقلب بنيران الشوق يتضرّم |
ولو كان ما بي منك بالبرق ما سرى |
|
ولا استصحب الأنواء تبكي وتبسم |
أراعي نجوم الأفق في اللّيل ما دجى |
|
وأقرب من عينيّ للنوم أنجم |
وما زلت أخفي الحبّ عن كل عادل |
|
وتشفي دموع الصّب ما هو يكتم |
كساني الهوى ثوب السّقام وإنه |
|
متى صحّ حبّ المرء لا شيء يسقم |
فيا من له العقل الجميل سجيّة |
|
ومن جود يمناه الحيا يتعلّم |
وعنه يروّي الناس كلّ غريبة |
|
تخطّ على صفح الزمان وترسم |
إذا أنت لم ترحم خضوعي في الهوى |
|
فمن ذا الذي يحني عليّ ويرحم |
وحلمك حلم لا يليق بمذنب |
|
فما بال ذنبي عند حلمك يعظم؟ |
ووالله ما في الحيّ حيّ ولم ينل |
|
رضاك وعمّته أياد وأنعم |
ومن قبل ما طوّقتني كل نعمة |
|
كأنّي وإياها سوار ومعصم |
وفتّحت لي باب القبول مع الرضى |
|
يغضّ الحيّ طرفي كأني مجرم |
ولو كان لي نفس تخونك في الهوى |
|
لفارقتها طوعا وما كنت أندم |
وأترك أهلي في رضاك إلى الأسى |
|
وأسلم نفسي في يديك وأسلم |
أما والذي أشقى فؤادي في الهوى |
|
وإن كان في تلك الشّقاوة ينعم |
لأنت من قلبي ونزهة خاطري |
|
ومورد آمالي وإن كنت أحرم |
__________________
(١) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٠٩) و (ج ١٠ ص ٥).
(٢) في النفح : «هدف».
(٣) نسبة إلى ابن خفاجة ، شاعر الطبيعة في الأندلس.
(٤) لم ترد هذه الأبيات في نفح الطيب.