وقال أبو بكر محمد بن محمد بن جهور : رأيت لابن مرج الكحل مرجا أحمر قد أجهد نفسه في خدمته فلم ينجب ، فقلت (١) : [البسيط]
يا مرج كحل ومن هذي المروج له |
|
ما كان أحوج هذا المرج للكحل |
يا حمرة (٢) الأرض من طيب ومن كرم |
|
فلا تكن طمعا في رزقها العجل |
فإنّ من شأنها إخلاف آملها |
|
فما تفارقها كيفيّة الخجل |
فقال مجيبا بما نصّه (٣) : [البسيط]
يا قائلا إذ رأى مرجي وحمرته |
|
ما كان أحوج هذا المرج للكحل |
هو احمرار دماء الرّوم سيّلها |
|
بالبيض من مرّ من آبائي الأول |
أحببته أن حكى (٤) من فتنت به |
|
في حمرة الخدّ أو إخلافه أملي |
وفاته : توفي ببلده يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة (٥) أربع وثلاثين وستمائة ، ودفن في اليوم بعده.
محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري
من أهل مرسية ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بابن الجنّان (٦).
حاله : كان (٧) محدّثا راوية ، ضابطا ، كاتبا بليغا ، شاعرا بارعا ، رائق الخطّ ، ديّنا فاضلا ، خيّرا ، زكيّا (٨). استكتبه بعض أمراء الأندلس ، فكان يتبرّم من ذلك ، ويقلق منه. ثم خلّصه الله تعالى (٩) منه. وكان من أعاجيب الزمان في إفراط القماءة (١٠) ، حتى يظنّ رائيه إذا (١١) استدبره أنه طفل ابن ثمانية أعوام أو نحوها ، متناسب الخلقة ، لطيف الشمائل ، وقورا. خرج من بلده حين تمكّن العدو من بيضته (١٢) عام أربعين.
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٧ ص ٥١).
(٢) في النفح : «ما حمرة».
(٣) قوله : «بما نصّه» ساقط من النفح (ج ٧ ص ٥١).
(٤) في الأصل : «أحببته إنّ من فتنت به» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.
(٥) في النفح : «عام أربعة ...».
(٦) ترجمة ابن الجنان في عنوان الدراية (ص ٢١٣) ونفح الطيب (ج ١٠ ص ٢٥٩).
(٧) النص في نفح الطيب (ج ١٠ ص ٢٦٠ ـ ٢٦١).
(٨) في النفح : «ذكيّا».
(٩) كلمة «تعالى» ساقطة في الإحاطة ، وأضفناها من النفح.
(١٠) القماءة : القصر. لسان العرب (قمأ).
(١١) في النفح : «الذي».
(١٢) في النفح : «قبضته سنة ٦٤٠».