الأنوار الأزاهر ، لسجدت النّيران ليوسف ذلك الجمال ، ووجدت نفحات ريّاها في أعطاف الجنوب والشمال ، وأسرعت نحوها النفوس إسراع الحجيج يوم النّفر ، وسار خبرها وسرى فصار حديث المقيمين والسّفر. وما أظن (١) تلك السّاخرة في تدلّيها (٢) ، إلّا السّاحرة بتجنّيها ، إذ كانت ربيبتها ، بل ربيئتها ، هذه التي سبقتني لمّا سقتني بسينها (٣) ، ووجدت ريحها ، لما فصلت من مصرها غيرها (٤) وحين وصلت لم يدلني على سابقها (٥) إلّا عبيرها ، وكم رامت أن تستتر عني بليل حبرها في هذه المغاني ، فأغراني بهاؤها وكل مغرم مغرى ببياض صبح الألفاظ والمعاني. وهل كان ينفعها تلفّحها بمرطها وتلفّعها؟ إذ نادتها المودّة ، فقد عرفناك يا سودة. فأقبلت على شمّ نشرها وعرفها ، ولثم سطرها وحرفها ، وقريتها الثناء الحافل ، وقرأتها فزيّنت بها المحاضر والمحافل (٦). ورمت أمر الجواب ، فغرّتني (٧) في الخطاب ، لكن رسمت هذه الرّقعة التي هي لديكم بعجزي واشية ، وإليكم منيّ على استحياء ماشية ، وإن رقّ وجهها فما رقّت لها حاشية ، فمنوا بقبولها على علّاتها (٨) ، وانقعوا بماء سماحتكم حرّ غللها ، فإنها وافدة من استقرّ قلبه عندكم وثوى ، وأقرّ بأنه يلقط في هذه الصناعة ما يلقى للمساكين من النّوى. بقيتم ، سيدي الأعلى (٩) للفضل والإغضاء ، ودمتم غرّة في جبين السّمحة البيضاء ، واقتضيتم السعادة المتّصلة مدّة الاقتضاء ، بيمن الله سبحانه. انتهى.
ومحاسنه عديدة ، وآماده بعيدة.
دخوله غرناطة : دخلها مع المتوكل مخدومه ، أو وجده بها.
من روى عنه : روي عن أبي الحسن سهل بن مالك.
وفاته : قال الأستاذ في الصلة (١٠) : انتقل إلى بجاية فتوفي بها في عشر الخمسين وستمائة(١١).
__________________
(١) في النفح : «وما ضرّ تلك».
(٢) في النفح : «في تجلّيها ، الساحرة بتجنّيها ، أن كانت بمنزلة ربيبتها بل تربها ، هذه ...».
(٣) في النفح : «بسيبها».
(٤) في النفح : «من مصر عيرها».
(٥) في النفح : «ساريها».
(٦) في النفح : «فزيّنت بها المحافل».
(٧) في النفح : «فعزّني».
(٨) في النفح : «عللها».
(٩) كلمة «الأعلى» ساقطة في النفح.
(١٠) المراد «صلة الصلة» لابن الزبير.
(١١) كذا ورد في نفح الطيب (ج ١٠ ص ٢٧٦).