محمد بن محمد بن أحمد بن شلبطور الهاشمي (١)
من أهل (٢) ألمريّة ، يكنى أبا عبد الله ، من وجوه بلده وأعيانه ، نشأ نبيه البيت ، ساحبا بنفسه وبماله ذيل الحظوة ، متحلّيا بخصل من خطّ وأدب ، وزيرا ، متجنّدا ، ظريفا ، دربا على ركوب البحر وقيادة الأساطيل. ثم انحطّ في هواه انحطاطا أضاع مروءته ، واستهلك عقاره ، وهدّ بيته ، وألجأه أخيرا إلى اللّحاق بالعدوة فهلك بها.
وجرى ذكره في الإكليل بما نصّه (٣) : مجموع شعر وخطّ ، وذكاء عن درجة الظّرفاء غير منحطّ ، إلى مجادة أثيلة البيت ، شهيرة الحيّ والميت. نشأ في حجر التّرف والنعمة ، محفوفا بالماليّة الجمّة ، فلما غفل (٤) عن ذاته ، وترعرع بين لداته ، أجرى خيول لذّاته ، فلم يدع منها ربعا إلّا أقفره ، ولا عقارا إلّا عقره ، حتى حطّ بساحلها ، واستولى بسعر (٥) الإنفاق على جميع مراحلها ، إلّا أنه خلص بنفس طيّبة ، وسراوة سماؤها صيّبة ، وتمتّع ما شاء من زير وبمّ (٦) ، وتأنّس لا يعطي (٧) القياد لهمّ.
وفي عفو الله سعة ، وليس مع التوكل على الله ضعة.
شعره : من شعره (٨) قوله يمدح السلطان ، وأنشدها إياه بالمضارب من وادي الغيران عند قدومه من ألمرية (٩) : [الطويل]
أثغرك أم سمط من الدّرّ ينظم؟ |
|
وريقك أم مسك به الرّاح تختم؟ |
ووجهك أم باد من الصّبح نيّر؟ |
|
وفرعك أم داج من الليل مظلم؟ |
أعلّل منك النفس والوجد متلفي |
|
وهل ينفع التّعليل والخطب أعظم (١٠)؟ |
وأقنع من طيف الخيال يزورني (١١) |
|
لو أنّ جفوني بالمنام تنعم |
حملت الهوى حينا فلمّا علمته |
|
سلوت لأني بالمكارم مغرم |
__________________
(١) ترجمة ابن شلبطور في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢١٥) وجاء فيه «ابن سلبطور» بالسين المهملة.
وشلبطور : بالإسبانيةSalvador ، ما يدل على أنه من أصل مولّدي.
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣١٧).
(٣) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣١٧).
(٤) في النفح : «عقل».
(٥) في النفح : «بسفر».
(٦) الزّير والبمّ : من أوتار العود. لسان العرب (زير) و (بمم).
(٧) في النفح : «لم يعط».
(٨) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢١٨).
(٩) ورد من هذه القصيدة في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢١٨) فقط الأبيات الأربعة الأول ، وجاء هناك : «عند قدومه ألمرية».
(١٠) في النفح : «... منك الوجد والليل مظلم وهل ... والخطب مؤلم».
(١١) في النفح : «بزورة».