كيف البقاء (١) وقد بانت قبابهم |
|
وقد خلت منهم وا أسفي الدّار؟ |
حداة تمسهم بالقلب قد رحلوا |
|
يا ليتهم حملوا الجثمان إذ ساروا (٢) |
جار الزمان علينا في فراقهم |
|
من قبل أن تنقضي للصّبّ أوطار |
ساروا فخيّمت الأشواق بعدهم |
|
ما لي عليها سوى الآماق أنصار |
تراك يا ربعهم ترجو رجوعهم؟ |
|
يا ليت لو ساعدت في ذاك أقدار |
ودّعت منهم شموسا ما مطالعها |
|
إلّا من الوشي أطواق وأزرار |
أستودع الله من فاز الفراق بهم |
|
وخلّفونا (٣) ودمع العين مدرار |
قلت : ولا خفاء بتخلّف هذا النمط عن الإجادة ، والله يقبض ويبسط ، وشافعنا عرض الإكثار.
وفاته : توفي في آخر أربعة وستين وسبعمائة.
محمد بن محمد بن حزب الله (٤)
من أهل وادي آش ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف باسم جدّه.
حاله : دمث ، متخلق ، سهل الجانب ، كثير الدّعابة ، خفيف الروح ، له خطّ حسن ، ووراقة بديعة ، وإحكام لبعض العملية ، واقتدار على النظم. اتصل بباب السلطان ملك المغرب ، وارتسم كاتبا مع الجملة ، فارتاش ، وحسنت حاله.
وجرى ذكره في الإكليل الزاهر بما نصّه : راقم (٥) واشي ، رقيق الجوانب والحواشي ، تزهى بخطّه المهارق والطروس ، وتتجلّى في حلل بدائعه كما تتجلّى العروس ، إلى خلق كثير التجمل ، ونفس عظيمة التحمّل. ودود سهل الجانب ، عذب المذانب. لمّا قضيت الوقيعة بطريف (٦) ، أقال الله عثارها ، وعجّل ثارها ، قذف به موج ذلك البحر ، وتفلّت إفلات الهدي المقرب إلى النحر ، ورمى به إلى رندة القرار ، وقد عرى من أثوابه كما عرى الغرار ، فتعرّف للحين بأديبها المفلق ، وبارقها المتألق
__________________
(١) في الأصل : «البقا» وكذا ينكسر الوزن.
(٢) في الأصل : «سار».
(٣) في الأصل : «وخلّفوا» وكذا ينكسر الوزن.
(٤) ترجمة ابن حزب الله في الكتيبة الكامنة (ص ٢٧٤).
(٥) قارن بالكتيبة الكامنة (ص ٢٧٤).
(٦) كانت موقعة طريف الشهيرة بين الإسبان وبني مرين ، وكان مع بني مرين قوات الأندلس بقيادة سلطان غرناطة أبي الحجاج يوسف بن إسماعيل النصري ، سنة ٧٤١ ه ، وكانت الهزيمة فيها للمسلمين. اللمحة البدرية (ص ١٠٥).