محمد بن مسعود بن خالصة بن فرج بن مجاهد
ابن أبي الخصال الغافقي (١)
الإمام البليغ ، المحدّث الحجّة ، يكنى أبا عبد الله. أصله من فرغليط من شقورة ، من كورة جيّان ، وسكن قرطبة وغرناطة.
حاله : قال ابن الزّبير عند ذكره : ذو الوزارتين ، أبو عبد الله بن أبي الخصال. كان من أهل المعارف الجمّة ، والإتقان لصناعة الحديث ، والمعرفة برجاله ، والتقييد لغريبه ، وإتقان ضبطه ، والمعرفة بالعربية واللغة والأدب ، والنّسب والتاريخ ، متقدما في ذلك كله. وأما الكتابة والنظم ، فهو إمامهما المتفق عليه ، والمتحاكم فيهما إليه.
ولما ذكره أبو القاسم الملّاحي بنحو ذلك قال : لم يكن في عصره مثله ، مع دين وفضل وورع.
قال أبو عمرو ابن الإمام الإستجّي في سمط الجمان ، لما ذكره : البحر الذي لا يماتح ولا يشاطر ، والغيث الذي لا يساجل ولا يقاطر ، والروض الذي لا يفاوح ولا يعاطر ، والطّود الذي لا يزاحم ولا يخاطر ، الذي جمع أشتات المحاسن ، على ماء غير ملح ولا آسن ؛ وكثرت فواضله ، فأمنت المماثل والمحاسن ، الذي قصرت البلاغة على محتده ، وألقيت أزمة الفصاحة في يده ، وتشرّفت الخطابة والكتابة باعتزائهما إليه ، فنثل كنانتها ، وأرسل كمائنها ، وأوضح أسرارها ودفائنها ، فحسب الماهر النّحرير ، والجهبذ العلّامة البصير إذا أبدع في كلامه ، وأينع في روض الإجادة نثاره ونظامه ، وطالت قنى الخطيّة الذبل أقلامه ، أن يستنير بأنواره ، ويقتضي بعض مناهجه وآثاره ، وينثر على أثوابه مسك غباره ، وليعلم كيف يتفاضل الخبر والإنشاء ، ويتلو إنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
وعضّه العقور أبو نصر في قلائده ، حيث قال (٢) : «هو وإن كان خامل المنشأ نازله ، لم ينزله المجد منازله ، ولا فرّع للعلاء هضابا ، ولا ارتشف للسّنا رضابا ، فقد تميّز بنفسه ، وتحيّز من أبناء (٣) جنسه ، وظهر بذاته ، وفخر بأدواته».
__________________
(١) يكنى ابن أبي الخصال أبا عبد الله ، وترجمته في المعجب (ص ٢٣٧ ، ٢٤٠) والذخيرة (ق ٣ ص ٧٨٦) وقلائد العقيان (ص ١٧٤) والمطرب (ص ١٨٧) وبغية الملتمس (ص ١٣١) والصلة (ص ٨٥٤) ورايات المبرزين (ص ١٨٨) والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (ص ١٥٢) والمغرب (ج ٢ ص ٦٦) والمقتطف من أزاهر الطرف (ص ٨٧ ، ٨٩) وبغية الوعاة (ص ١٠٤).
(٢) قلائد العقيان (ص ١٧٤).
(٣) كلمة «أبناء» ساقطة في القلائد.