والمرء كما قيل بأصغريه ، لا بمنخريه ، والشأن في الحيزوم ، لا في الخيشوم ، وفي الذّكرين ، لا في الأنثيين ، وبعد ، فهو كلام ظاهره إجمال ، وباطنه احتمال ، وسأنبّئكم بغزارة سيله ، وفجر ليله. أما الأفطس فيدلي الضّغنة ، ويتزوج في آل جفنة. فإن الله أتمّ ، جاء الولد أتمّ ، وإن نام عرق خاله ، بقي الولد بحاله. وأما الأصمّ ، فيخرج عن الغلام ، وبلا فال ، ويطلب في بني السّميعة بركة الاسميّة والفال ، فإن الله أراد ، ظفر بالمراد ، وجاء ابنه أسمع من قراد (١). فأحسّ من بعض الحاضرين تمريضا ، وعاين طرفا غضيضا ، فتعكّر وتشذّر ، وطوّف وحذّر ، وقال صاحب الشريعة ، سمّاهم بني السّميعة ، قوموا يا بني اللّكيعة ، فقد قطعتم رزقي ، وآذيتم طرقي ، وأذللتم ضربي وطرقي ، وسددتم طوقي ، وأخذتم على أفقي غربي وشرقي. ذروني للتي هي للبليّة تجني ، ثم الوجد يعني ، لو شرب نواديه إثر تجنّي. ثم نجا بعزمته سميلا ، وأرسل بنات نعش ذيلا ، وقد أفاد بما استصحب من ميامنك ليلا ، كذّبني أيّدك الله عند نواه ، ولم يطلعني طلع ما نواه ؛ وما ذاك إلّا لمطمع لواه ، ومغنم هواه. فرفعت لي بعد وداعه نجوة ، ورمتني بشخصه فجوة ، فقلت : ما أراك إلّا غائل ، أورثت عنك الحبائل. فسراك سرى قين ، وحديثك مين ، ألم تعبر دجيلا ، ويمّمت سهيلا؟ فقال : طربت إلى الأصفية الصّغار ، وشاقني الشوق بين الطّواغيت والأصفار. فقلت له : هلمّ إلى خطّ نعيده ، وحظّ نستفيده. فقال : لو لا أن تقولوا الساعة متى ، وتطالبوني بإحياء الموتى ، لما أجمعت إلى الغرب غروبا ، ولأريتكم من الحذق ضروبا. ثم قال : إن لي بالحضرة أفراخا ، وأمّا استصرخت عليها استصراخا ، وانسلخت منها انسلاخا ، وأعيا عليّ أمره فلم أعلم له ظعنا ولا مناخا. فلبثت كذلك أياما ، ثم اعتمّ عليّ أمره اعتياما ، ولم أعرف له إنجادا ولا اهتماما ، فإذا به وقد أضمرت عنه بأسا ، ولم أطمع فيه رأسا ، قد أشبّ لي شبابا ، ولمعت صلعته شهابا ، تكتنفه صرّة ، وبيمناه قوصرة (٢) ، وتؤود يسراه جرّة. فقلت له : قاتلك الله ، ما أشدّ فقداتك إلّا فقدتك ، وما أذكر وجداتك إلّا وجدتك ، أين أفراخك ، والأمّ التي جذبها استصراخك؟ فقال : الصعلوك ، لو أعلم مذاهبه ، تحرّم مناهبه ، وتحدم مراهبه. ذرني وعلاجي ، أحاجي وأداجي ، وأعاين وأناجي ، وأتقلب في بركة دعاء الباجي. فقلت له : مالك وللميت ، ورحم الله من سمّيت. قال : لمّا أذن الله فالتأمت الشّيمة ، وتمزّقت عني المشيمة ، هممت بالسّرق ، ولففت في
__________________
(١) منه المثل : «أسمع من قراد» ، وذلك أنه يسمع صوت أخفاف الإبل من مسيرة يوم ، فيتحرك لها. مجمع الأمثال (ج ١ ص ٣٤٩ ، رقم المثل ٨٧٨).
(٢) القوصرة : وعاء للتّمر. محيط المحيط (قوصر).