من أوليات شعره ، أولها (١) : [الرمل]
هل إلى ردّ عشيّات الوصال |
|
سبب أم ذاك من ضرب المحال؟ |
فلمّا أنشدها إياه ، أعجب به ، وبحسن خطّه ونصاعة ظرفه ، فأثنى عليه ، واستدعاه إلى الوفادة على حضرته ، فوفد (٢) إليها في آخر العام المذكور ، فأثبته في خواصّ دولته ، وأحظاه لديه ، إلى أن رقّاه إلى كتابة الإنشاء ببابه. واستمرّت حاله ، معظّم القدر ، مخصوصا بالمزية ، إلى أن توفي السلطان ، ثاني الملوك من بني نصر ، وتقلّد الملك بعده ، وليّ عهده أبو عبد الله ، فزاد في إحظائه وتقريبه ، وجمع له بين الكتابة والوزارة ، ولقّبه بذي الوزارتين ؛ وأعطاه العلامة ، وقلّده الأمر ، فبعد الصّيت ، وطاب الذّكر ، إلى أن كان من الأمر (٣) ما يأتي به الذكر قريبا إنشاء الله تعالى.
مشيخته : قرأ (٤) برندة على الشيخ النحوي أبي الحسن علي بن يوسف العبدري السّفاح ، القرآن العظيم بالروايات السّبع ، والعربية وغير ذلك. وعلى الخطيب بها أبي القاسم بن الأيسر ، وأخذ عن والده جميع مرويّاته. واستجاز له في صغره أعلام ذلك الزمان ، وأخذ في رحلته عن الجلّة من الجملة الذين يضيق عن أمثالهم الحصر.
فمنهم أبو اليمن جار الله ابن عساكر ، لقيه بالحرم الشّريف ، وانتفع به ، واستكثر من الرواية عنه. ومنهم الشيخ أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحرّاني ، المعروف بابن هبة الله الحراني. ومنهم الشيخ الشريف (٥) أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عمر بن معطي ابن الإمام الجزائري ـ جزائر المغرب ـ نزيل بغداد. ومنهم الشيخ أبو الصفا خليل بن أبي بكر بن محمد المرادي الحنبلي ، لقيه بالقاهرة. ومنهم الشيخ رضي الدين القسطميني أبو بكر. ومنهم الشيخ شرف الدين الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدّمياطي ، إمام الديار المصرية ، في الحديث ومؤرخها وحافظها. ومنهم عبد المنعم بن محمد بن يوسف بن أحمد الخيمي ، شهاب الدين أبو عبد الله ، نزيل مشهد الحسين بن علي ، قرأ عليه قصيدته البائية الفريدة التي أولها (٦) : [البسيط]
يا مطلبا ليس لي في غيره أرب |
|
إليك آل التّقصّي وانتهى الطلب |
__________________
(١) هو مطلع قصيدة طويلة سترد في هذه الترجمة بعد قليل.
(٢) في النفح : «فوفد آخر عام ستة وثمانين».
(٣) في النفح : «من أمره ما كان».
(٤) النص في النفح (ج ٣ ص ٣٦١ ـ ٣٦٢).
(٥) في النفح : «الشرف».
(٦) البيت في نفح الطيب (ج ٣ ص ٣٦١) و (ج ٧ ص ٢٤٦) وجاء في الجزء السابع : «التقضي» بالضاد المعجمة.