تواليفه : له (١) اختصار حسن في إصلاح المنطق ، ورسائل مشهورة ، تناقلها الناس ، وشعر يحسن في بعضه.
جاهه : حدّث الشيخ أبو القاسم البلوي ، قال (٢) : كنت أخفّ إليه (٣) ، وأشفع عنده في كبار المسائل ، فيسرع في قضائها. ولقد عرضت لبعض أصحابي من أهل بلاد الأندلس حاجة مهمّة كبيرة ، وجب عليّ السعي فيها ، والتماس قضائها وفاء لربّها ، ولم يكن لها إلّا ما قدرته من حسن نظره فيها ، ورجوته من جميل أثره في تيسير أمرها ، وكان قد أصابه حينئذ التياث لزم من أجله داره ، ودخلت (٤) عليه عائدا ، فأطال السؤال عن حالي ، وتبسّط معي في الكلام ، مبالغة في تأنيسي ، فأجّلت ذكر الحاجة (٥) ، ورغبت منه في الشّفاعة عند السلطان في شأنها ، وكان مضطجعا ، فاستوى جالسا ، وقال لي : جهل الناس قدري ، وكرّرها ثلاثا ، في (٦) مثل هذا أشفع إلى أمير المؤمنين؟ هات الدّواة والقرطاس ، فناولته إياهما ، فكتب برغبتي ، ورفعه إلى السلطان ، فصرف في الحين معلّما ، فاستدعاني ، ودفعه إليّ ، وقال : يا أبا القاسم ، لا أرضى منك أن تحجم عني في التماس قضاء حاجة تعرّضت لك خاصة ، وإن كانت لأحد من معارفك عامة ، كبرت أو صغرت ، فألتزم قضاءها ، وعليّ الوفاء ، فإن لكل مكسب (٧) زكاة ، وزكاة الجاه بذله.
وحدّثني شيخي أبو الحسن بن الجيّاب ، عمن حدّثه من أشياخه ، قال : عرض أبو عبد الله بن عيّاش والكاتب ابن القالمي على المنصور كتابين ، وهو في بعض الغزوات ، في كلب البرد ، وبين يديه كانون جمر. وكان ابن عياش بارع الخطّ ، وابن القالمي ركيكه ، ويفضله في البلاغة ، أو بالعكس الشكّ مني. وقال المنصور : أي كتب لو كان بهذا الخط؟ وأي خطّ لو كان بهذا الكتب؟ فرضي ابن القالمي ، وسخط ابن عياش. فانتزع الكتاب من يد المنصور ، وطرحه في النار وانصرف. قال : فتغيّر وجه المنصور ، وابتدر أحد الأشياخ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، طعنتم له في الوسيلة التي عرّفته ببابكم ، فعظمت غيرته لمعرفته بقدر السبب الموصل إليكم. فسرّي عن المنصور ، وقال لأحد خدّامه : اذهب إلى السّبي ، فاختر أجمل نساء الأبكار ؛ وأت بابن عياش ؛ فقل له : هذه تطفىء من خلقك. قال ابن عياش يخاطب ولده ، وقد حدّث الحديث : هي أمّك ، يا محمد ، أو فلان.
__________________
(١) النص في الذيل والتكملة (ج ٦ ص ٣٨٥).
(٢) النص في الذيل والتكملة (ج ٦ ص ٣٨٦).
(٣) في الذيل والتكملة : «عليه».
(٤) في الذيل والتكملة : «فدخلت».
(٥) في الذيل والتكملة : «ذكر تلك الحاجة».
(٦) في الذيل والتكملة : «أفي».
(٧) في المصدر نفسه : «مكتسب».