إذا عبّ للنفس في دامس |
|
ودبّ من الطّرس فوق الصّفاح |
تجلّت به مشكلات الأمور |
|
ولان له الصّعب بعد الجماح |
فلو لا هو (١) لغدت أغصان الاكتساب ذاوية ، وبيوت الأموال خاوية ، وأسرعت إليها البوسى ، وأصبحت كفؤاد أمّ موسى ، فهو لا محالة تجرها الأربح ، وميزانها الأرجح. به تدرّ ألبانها ، وتثمر أفنانها ، وتستمرّ أفضالها وإحسانها ، وهو رأس مالها ، وقطب عمّالها وأعمالها. وصاحب القلم قد حوى المملكة بأسرها ، وتحكّم في طيّها ونشرها ، وهو قطب مدارها ، وجهينة أخبارها ، وسرّ اختيارها واختبارها ، ومظهر مجدها وفخارها ، يعقد الرّايات لكل وال ، ويمنحهم من المبرّة كلّ صافية المقيل ضافية السّربال ، يطفي جمرة الحرب العوان ، ويكايد العدوّ بلا صارم ولا سنان ، يقدّ المفاصل ، ويتخلل الأباطح والمعاقل ، ويقمع الحواسد والعوذال.
وفاته : توفي بمالقة يوم الثلاثاء لإحدى عشرة بقيت من رمضان سنة اثنتين (٢) وسبعين وخمسمائة. وقبره مشهور بها.
محمد بن قاسم بن أبي بكر القرشي المالقي
من أهل مالقة ، وسكن غرناطة وتردد إليها.
حاله : كان لبيبا لوذعيّا ، جامعا لخصال ؛ من خطّ بارع ، وكتابة ، ونظم ، وشطرنج ، إلى نادر حار ، وخاطر ذكي ، وجرأة. توجّه إلى العدوة ، وارتسم بها طبيبا ؛ وتولّى النظر على المارستان بفاس في ربيع الثاني من عام أربعة وخمسين وسبعمائة.
شعره : أنشدني بمدينة فاس عام ستة وخمسين ، في وجهتي رسولا إلى المغرب ، قوله في رجل يقطع في الكاغد : [المجتث]
أبا عليّ حسينا |
|
أين الوفا منك أينا؟ |
قد بيّن الدمع وجدي |
|
وأنت تزداد بينا |
بلّت لحاظك قلبي |
|
تالله ما قلت مينا |
قطّ المقصّ لهذا |
|
سبب الصّبّ مينا |
بقيت تفتر حسنا |
|
ودمت تزداد زينا |
__________________
(١) أي : فلولاه.
(٢) في الأصل : «اثنين» وهو خطأ نحوي.