وذر الشآم وما بناه به الر |
|
روميّ من قصر ومن فدن |
تعلف سيل العرم وتردغسان ، وتمهد لها أهضام تبالة فتقول : مرعى ولا كالسّعدان (١) ، تساجل عن سميحة بابن خرام ، وتناضل بسمير يوم خزام ، وتنسى قاتل ستة آلاف ، وكاسي بيت الله الحرام ثلاثة الأفواف ، فلو ساجلت بنبعها أبا كرب ، وأرته ضراعة خدّها التّرب ، لساجلت به أخضر الجلدة في بيت العرب ، ماجدا يملأ الدّلو إلى عقد الكرب ، بل لو حطت بفناء بيتها الحجري رحلها ، وساجلت بفناء جدّها ذي رعين لاستوفت سجلها. كم عاذت بسيفها اليزني ، فأدركت ذحلها ، ولاذت بركنها اليمني ، فأجزل محلها ، ولو استسقت بأوديتها لأذهبت محلها. كافحت عن دينها الحنيفيّ ، فما كهم حسامها ، ونافحت عن نبيّها الأمّيّ فأيّدت بروح القدس سهامها. سدّت باب الدرب دون بني الأصفر ، وشدّت لموته ثوب موت أحمر ، وما شغلها كسر تاج كسرى عن قرع هامة قيصر. ولقد حلّت من سنام نسبها اليعربي باسمك ذروة ، وتعلّقت من ذمام نبيّها العربي بأوثق عروة. تفرّد صاحب تيماء بأبلقه الفرد فعزّ ، وتمرّد ربّ دومة الجندل لما كان من مارد في حرز ، فما ظنك ، أعزك الله ، بمن حلّ من قدسي عقله ، بمعقل قدس ، يطار إليه فلا يطار ، وراد من فردوس أدبه في جنّة لا يضام رائدها ولا يضار. زها بمجاورة الملك ، فازدهى رؤساء الممالك ، وشغف بمجاورة الملك ، فاشتغل عن مطالعة المسالك ، أيشقّ غباره ، وعلى جبين المرزم مثاره ، أو ينتهك ذماره ، وقلب الأسد بيته ودار أخيه أسامة زاره. ولما قضت من أنديتها العربية أوطارها ، واستوفت على أشرف منازعها الأدبية أطوارها ، وعطّرت بنوافح أنفاسها الذّكية آثارها ، وأطلعت في ظلم أنفاسها الدّجوجية كواكبها النيّرة وأقمارها ، عطفت على معقلتها الشاذلية فحلّت عقالها ، وأمر لها فراق الوطن فلمّا استمرّ لها حلالها ، استودعت بطنان تبالة آلها ، وتركت أهضامها المخصبة وحلالها ، أطلّت على دارات العرب فحيّت أطلالها ، ودعت لزيارة أختها اليونانية أذواء حمير وأقيالها. أطمعتها بلمعيّة ألمعيّتها الأعجمية ، ومثلها يطمع ، وجاء بها من قدماء الحكماء كلّ أوحدي الأحوذية ، فباتت تخبّ إليه وتوضع ، باحثة عن مركز دارتهم الفيثاغورية ، آخذة في إصلاح هيئتهم الإنكساغورية ، مؤثرة لما تدلّ عليه دقائق حقائق بقايا علوم مقايسهم البرهانية ، وتشير إليه رموز كنوز وصايا علماء نواميسهم الكلدانية ، من مأثور تأثير لاهوتية قواهم
__________________
(١) «مرعى ولا كالسّعدان» مثل ، والسّعدان : نبت ذو شوك كأنه فلكة ، ينبت في سهول الأرض ، وهو من أطيب مراعي الإبل ما دام رطبا. مجمع الأمثال (ج ٢ ص ٢٧٥) ولسان العرب (سعد).