السّيماوية ، راغبة فيما يفاض على مادتها الجسمانية ، ويطرأ على عاقليّتها الهيولانية ، من علويات آثار مواهبها الربّانية ، موافقة لمثلهم المفارقة أفضل موافقة ، موافقة لما وافق من شوارد آرائهم الموفّقة أحسن موافقة. وتحت هذه الأستار محذرات أسرار أضرّ بها الإسرار ، وطالما نكر معارفها الإنكار ، ونقلت من صدور أولئك الصّدور إلى بطون هذه الأوراق ، في ظهور فوق دفاتر فلسفيات معاني علومهم الرّقاق. وفي تلك المغاني ، أبكار معاني ، سكن الجوانح والصدور ، بدل الأرائك والخدور ، ولحن في دياجي ، ظلم هذه الأحاجي ، كأقمار في أطمار بهرن وما ظهرن ، وسطعن وما لمعن ، فعشقن وما رمقن ، واستملحن وما لمحن. أدرن خمور أجفانهن ، على ماخوريات ألحانهن ، فهيّجت البلابل ، نغم هذه البلابل ، واستفرغته الأكياس ، مترعات تلك الأكواس. ما سحر بابل ، كخمر بابل ، ولا منتقى أغانيهن الأوائل ، كحمائمكم الهوادل ، إن وصلت هديلها بحفيف ، وصلن ثقيلهن بخفيف. إيه أيها الشّمري المشمعل ، دعنا من حديثك المضمحل ، سر بنا أيها الفارس النّدس (١) ، من حظيرة النّفس ، إلى حضرة القدس ، صرّح بإطلاق الجمال ، وجل من عالميّتك الملكوتية في أفسح مجال ، تمش بين مقاصر قصورها ، ومعاصر خمورها ، رخيّ البال ، مرخيّ السربال ، فما ينسج لك على منوال ، نادم عليها من شغف دنّ سقراط ، إن استحسنت لها حسان فما يصلح لك صالح بن علاط ، بت صريع محيّاها فقد أوصت بمعالجة عقير معاقرة عقارها بقراط ، لا تخش صاحب شرطتها فلا شرط له عليك ولا اشتراط ، ما لك غير مبديك الأول ، من قال امتثل الأمر وما عليك من أمر وال. على رسلك ما هذا العجل ، لا خطأ تتوقعه ولا خطل ، أمكره أنت في هذه الكريهة ، أم بطل. لو علم أنك ضبارية هذا الخميس ، وخبعثة ذلك الخميس ، لما عانى اليمّ رسيس ، شوقا إليك محمد بن خميس ، على أن لا غالب اليوم لأني غالب ، ولا طالب يدرك شأو هذا الطالب ، فقه بلا تفهق ، وحذق في تحذلق. أقسم أبا الفضل بما لك على أبي البركات من الفضل ، ذلك العراقي الأرومة ، لا هذا الفارسي الجرثومة ، وإن يك ذلك ، إسرائيلي الأصل ، وهذا إسماعيلي الجنس ، علوي الفضل. فلتلك الذات ، شرف تلك الأدوات. قدّم لي غالبنا المذكور ، من بأسه الغرّ لأرفع وأسمى من مقعد رقوطيّهم المشهور ، من إغرناطة الحمراء ، ومن متبوّإ أبي أميّتهم المرحوم من جنّات جزيرتهم الخضراء ، فيما لنت أبا الفضل من هذه العربجة ، وألوك ، أرأيت في عمرك مثل هذا الصعلوك؟ لا والله ما على ظهر هذه الغبرا ، من يتظاهر بمثل هذه المعرفة في بني غبرا. فأي
__________________
(١) الفارس النّدس : السريع في الطعن. لسان العرب (ندس).