محمد بن عمر بن علي بن إبراهيم المليكشي (١)
يكنى أبا عبد الله.
حاله : كان فاضلا ، متخلقا ، أديبا ، شاعرا ، صوفيا ، جميل العشرة ، حسن الخلق ، كريم العهد ، طيّب النفس. كتب عن الأمراء بإفريقية ، ونال حظوة ، ثم شرّق وحجّ ، ولقي جلّة ، ووصل الأندلس عام ثمانية عشر وسبعمائة ، فلقي بغرناطة حفاية ، وانسحبت بها عليه جراية ، ثم انصرف إلى وطنه ، وناله به اعتقال ، ثم تخلّص من النّكبة ، وأقام به ، يزجى وقته إلى آخر عمره.
وجرى ذكره في «الإكليل الزاهر» (٢) : كاتب الخلافة ، ومشعشع الأدب المزري (٣) بالسّلافة ، كان ، يرحمه الله ، بطل مجال ، وربّ رويّة وارتجال ، قدم على هذه البلاد وقد نبا به وطنه ، وضاق ببعض الحوادث عطنه ، فتلوّم بها تلوّم النسيم بين الخمائل ، وحلّ بها (٤) محل الطّيف من الوشاح الجائل ، ولبث مدة إقامته تحت جراية واسعة ، وميرة (٥) يانعة. ثم آثر قطره ، فولّى وجهه شطره ، واستقبله دهره بالإنابة ، وقلّده خطّة الكتابة ، فاستقامت (٦) حاله ، وحطّت رحاله. وله شعر أنيق ، وتصوّف وتحقيق ، ورحلته (٧) إلى الحجاز سببها (٨) في الخبر وثيق ، ونسبتها (٩) في الصالحات عريق.
شعره : نقلت من خطّ الوزير أبي بكر بن ذي الوزارتين ، مما قيّد عنه ، وكان خبيرا بحاله (١٠) : [الطويل]
رضى نلت ما ترضين (١١) من كلّ ما يهوى |
|
فلا توقفيني (١٢) موقف الذلّ والشّكوى |
وصفحا عن الجاني المسيء لنفسه |
|
كفاه الذي يلقاه من شدّة البلوى |
__________________
(١) ترجمة محمد بن عمر المليكشي في نيل الابتهاج (ص ٢٣٧) والدرر الكامنة (ج ٤ ص ٢٢٦) ورحلة البلوي (الورقة ٢٢) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٥).
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٥).
(٣) في النفح : «الذي يزري».
(٤) في المصدر نفسه : «منها».
(٥) في الأصل : «ومبرة» والتصويب من نفح الطيب.
(٦) في الأصل : «واستقامت» والتصويب من نفح الطيب.
(٧) في النفح : «ورحلة».
(٨) في النفح : «سعيها».
(٩) في النفح : «ونسبها».
(١٠) القصيدة في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٥).
(١١) قوله : «ما ترضين» ساقط في الأصل ، وقد أضفناه من نفح الطيب.
(١٢) في الأصل : «فلا توقفني» وكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.