وتمايلت كالغصن أخضله النّدى (١) |
|
ريّان من ماء الشبيبة مخصب |
تثنيه أرياح (٢) الصّبابة والصّبا |
|
فتراه بين مشرّق ومغرّب |
أبت الرّوادف أن تميل بميله |
|
فرست وجال كأنه في لولب |
متتوّجا بهلال وجه لاح في |
|
خلل السجوف (٣) لحاجب ومحجّب |
يا من رأى فيها محبّا مغرما |
|
لم ينقلب إلّا بقلب قلّب |
ما زال مذ ولّى يحاول حيلة |
|
تدنيه من نيل المنى والمطلب |
فأجال نار الفكر حتى أوقدت |
|
في القلب نار تشوّق وتلهّب |
فتلاقت الأرواح قبل جسومها |
|
وكذا البسيط يكون قبل مركّب |
ومن مقطوعاته البديعة ، مما سمع منه بغرناطة ، حرسها الله ، أيام مقامه بها قوله (٤) : [الطويل]
أرى لك يا قلبي بقلبي محبّة |
|
بعثت بها سرّي إليك رسولا |
فقابله بالبشرى (٥) وأقبل عشيّة |
|
فقد هبّ مسك (٦) للنسيم عليلا |
ولا تعتذر بالقطر أو بلل الندى |
|
فأحسن ما يأتي النسيم بليلا |
ونقلت من خط الفقيه القاضي أبي جعفر الرّعيني ، مما أملاه عليّ بمنزله بغرناطة ، قال : وحضرت في عام ثلاثة عشر وسبعمائة ، يوم إحرام الكعبة العليّة ، وذلك في شهر ذي القعدة على اصطلاحهم في ذلك ، وصفته أن يتزيّن سدنة البيت من شيبة بأحسن زي ، ويعمدوا إلى كرسي يصل فيه صاعده إلى ثلث الكسوة ، ويقطعها من هنالك ، ويبقى الثلثان إلى الموسم ، وهو يوم مشهود عند سكان الحرم ، يحتفل له ، ويقوم المنشدون أدراج الكعبة ينشدون. فقلت في ذلك : [الطويل]
ألم ترها قد شمّرت تطلب الجدّا |
|
وتخبر أنّ الأمر قد بلغ الحدّا؟ |
فجدّ كما جدت إليها وشمّر |
|
عن السّاعد الأقوى تنل عندها سعدا |
طوت بردها طيّ السّجلّ كناية |
|
لأمر خفيّ سرّه طوت البردا |
وأندت محيّاها فحيّي (٧) جماله |
|
وقبّل على صوت المقى (٨) ذلك الخدّا |
__________________
(١) أخضله الندى : بلّله. لسان العرب (خضل).
(٢) في النفح : «أرواح».
(٣) في النفح : «السحاب».
(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٦).
(٥) في الأصل : «بالبشر» والتصويب من النفح.
(٦) في الأصل : «مسكي» والتصويب من النفح.
(٧) في الأصل : «فحيّا».
(٨) في الأصل : «المقلة» وكذا لا يستقيم الوزن ، والمقى : جمع مقية وهي المأق. لسان العرب ـ (مقى).