الأسحار ، رأيت أفق الشرق ، ووجدت القائل بفضل السّحر أصدق ، فابتدأت راكبا ، فلمّا جئت لذكر الجناب العليّ النبوي ، أتممت ماشيا ، وأنا في رملة بين مصر وعقبة إيله ، وقلت : [البسيط]
ما أحسن الأفق الشرقيّ إسفارا |
|
فكم هذا في دجى الإدلاج أسفارا |
إذا بدا سارت الأظعان هادية |
|
له وصارت به الظلماء أنوارا |
يجلو غياهب ليل طالما سدلت |
|
على المحبين في الظلماء أستارا |
ونمّ منه نسيم ثم ذا بعد |
|
على أحاديث كانت ثمّ أسرارا |
سرت سحيرا فبرّت سرّ ذي سحر |
|
أهدت له ريح من يهواه معطارا |
سرت ببانات أكناف اللّوى فغدت |
|
كأنّ دارين قد أصبحت دارا |
طابت بطيبة أرواح معطرة |
|
بها فأصبح أفق الشوق عطّارا |
كأنما فلق الإصباح حين بدا |
|
خدّ وبهجة (١) حسن الشمس قد وارى |
حقي بدت وتبدّت حسن صورتها |
|
فعمّت (٢) الأرض أنجادا وأغوارا |
كأنه دعوة المختار حين بدت |
|
دانت لها الخلق إعلانا وإصرارا |
من نوره كل نور أنت تبصره |
|
ونوره زاد للأبصار (٣) إبصارا |
هدا به الله أقواما به سعدا (٤) |
|
لولاه كانوا مع الكفر كفّارا |
هو الشّفيع الذي قالت شفاعته |
|
للموبقين ألا لا تدخلوا النّارا |
هو العفوّ (٥) عن الجاني وإن عظمت |
|
من المسيء ذنوب كان غفّارا |
هو الكريم الذي ما ردّ سائله |
|
يوما ولو كرّر التّسآل تكرارا |
هو الحبيب الذي ألقى محبته |
|
في كل قلب فقلبي نحوه طارا |
أحبّه كلّ مخلوق وهام به |
|
حتى الجمادات أحجارا وأشجارا |
وانشقّ بدر الدّجى من نور غرّته |
|
وانهلّت السّحب من كفّيه أنهارا |
ومن مقطوعاته ، قال : ومما نظمته في ليل السّرى ، وتخيل طيف الكرى ، مبدأ قصيد قصدته ، أي معنى أردته ، أشغل عنه ما بي منه : [الخفيف]
منع الهجر من سليمى هجوعا |
|
فانثنى طبعها يريد الرّجوعا |
__________________
(١) في الأصل : «خدر بهجة» وكذا لا يستقيم الكلام ولا الوزن.
(٢) في الأصل : «فعمّته» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.
(٣) في الأصل : «الأبصار» وكذا ينكسر الوزن.
(٤) في الأصل : «سعداء» وكذا ينكسر الوزن.
(٥) العفوّ ، بفتح العين وضمّ الفاء : العافي الكثير العفو. محيط المحيط (عفا).