جلاله ، على منعة الأسوار وبعد مهاوي الأغوار ، وكثرة العدّ والعدد ، وطلبوا الأمان لأنفسهم ، وكان خروجهم عنها يوم الاثنين الخامس والعشرين من الشهر المذكور ، السعيد على المسلمين ، في العيد والسرور ، برد الدين ، ولله الحمد على آلائه ، وتوالي نعمه وإرغام أعدائه.
وفي وسط ربيع الأول من عام أحد وسبعين وسبعمائة ، أعمل الحركة إلى أحواز إشبيلية دار الملك ، ومحل الشّوكة الحادّة ، وبها نائب سلطان النصارى ، في الجمع الخشن من أنجاد فرسانهم ، وقد عظم التضييق ببلدة قرمونة ، المنفرد بالانتزاء على ملك النصارى ، والانحياز إلى خدمة المسلمين ، فنازل المسلمون مدينة أشونة (١) ، ودخلوا جفنها عنوة ، واعتصم أهلها بالقصبة ، فتعاصت ، واستعجل الإقلاع منها لعدم الماء المروي والمحلّات ، فكان الانتقال قدما إلى مدينة مرشانة وقد أحدقوا بها ، وبها العدّة والعديد من الفرسان الصّناديد ، ففتحها الله سبحانه ، إلّا القصبة ، واستولى المسلمون فيها ، وفي جارتها ، من الدواب والآلات على ما لا يأخذه الحصر ، وقتل الكثير من مقاتلتها ، وعمّ جميعها العدم والإحراق ، ورفعت ظهور دواب المسلمين من طعامها ما تقلّه أظهر مراكب البحار ، ما أوجب في بلاد المسلمين التّوسعة ، وانحطاط الأسعار ، وأوجب الغلاء في أرض الكفّار ، وقفل ، والحمد لله ، في عزّ وظهور ، وفرح وسرور.
مولده السعيد النّشيئة (٢) ، الميمون الطلوع والجيئة :
المقترن بالعافية ، منقولا من تهليل نشأته المباركة ، وحرز طفولته السعيدة ، في نحو ثلث ليلة الاثنين والعشرين من جمادى الآخرة عام تسعة وثلاثين وسبعمائة. قلت : ووافقه من التاريخ الأعجمي رابع ينير من عام ألف وثلاثمائة وسبعة وسبعين (٣) لتاريخ الصّفر. واقتضت صناعة التعديل بحسب قيمودا وبطليموس ، أن يكون الطالع ببرج القمر ؛ لاستيلائه على مواضع الاستقبال المتقدم للولادة ، ويكون التخمين على ربع ساعة وعشر ساعة ، وثلث عشر الساعة السادسة من ليلة الاثنين المذكورة ، والطالع من برج السّنبلة ، خمس عشرة درجة ، وثمان وأربعون دقيقة من درجة. كان الله له في الدنيا والآخرة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
__________________
(١) أشونه ، بالإسبانية : Osuna ، وهي مدينة من كور إستجة الأندلس. الروض المعطار (ص ٦٠).
(٢) النشيئة : النشأة.
(٣) الصواب : ٢١ كانون الثاني من عام ١٣٣٨ م.