وفاته : توفي ، رحمه الله ، منصرفا من غزاته المسمّاة بقنالش والرّيد ، وقد دوّخ أقطار قشتالة ، ليلة الاثنين سبع وعشرين لرمضان عام اثنين وتسعين وثلاثمائة (١) ، وقد عهد أن يدفن ببلد وفاته ، بعد وصية شهيرة صدرت عنه ، إلى المظفّر ولده ، فدفن بمدينة سالم ، التي بناها في نحر العدو من وادي الحجارة ، وبقصرها ، وقبره معروف إلى اليوم. وكان قد اتخذ له من غبار ثيابه الذي علاها في الجهاد ، وعاء كبيرا بحديه ، رحمه الله. وكتب على قبره هذا الشعر (٢) : [الكامل]
آثاره تنبيك عن أخباره (٣) |
|
حتى كأنّك بالعيان (٤) تراه |
تالله لا يأتي الزمان بمثله |
|
أبدا ولا يحمي الثغور سواه (٥) |
محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل
ابن قريش بن عباد بن عمرو بن أسلم بن عمرو بن عطاف
ابن نعيم ، لخمي النسب (٦)
أوّليّته : دخل الأندلس جدّه عطاف مع بلج بن بشر القشيري ، من أشراف الطّالعة البلجية ، وهم من عرب حمص من أرض الشام ، وموضعه بها يعرف بالعريش في آخر الجفار بين مصر والشام. ونزل عطاف بقرية تعرف بيومين من إقليم طشانة على ضفة النهر الأعظم من أرض إشبيلية. ولمّا هلك قريش ، ورث السيادة إسماعيل بن قريش ، وهو القاضي المشهور بالفضل والدهاء ، يكنّى أبا الوليد. ولي الشرطة الوسطى لهشام بن الحكم ، وخطّة الإمامة إلى صلاة الجمعة. ثم خلفه أبو القاسم المنفرد برئاسة إشبيلية ، المتحف فيها بخطط الوزارتين والقضاء
__________________
(١) في كتاب العبر لابن خلدون : هلك المنصور سنة ٣٧٤ ه ـ بعد ٢٧ سنة من ملكه. وفي جذوة المقتبس وبغية الملتمس والمعجب والمختصر في أخبار البشر ، وتتمة المختصر في أخبار البشر : توفي المنصور سنة ٣٩٣ ه.
(٢) البيتان في البيان المغرب (ج ٢ ص ٣٠١) والحلة السيراء (ج ١ ص ٢٧٣) والمغرب (ج ١ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣).
(٣) في المغرب : «عن أوصافه».
(٤) في البيان المغرب : «بالعيون».
(٥) رواية البيت في البيان المغرب هي :
تالله ما ملك الجزيرة مثله |
|
حقّا ولا قاد الجيوش سواه |
(٦) ترجمة المعتمد بن عباد في قلائد العقيان (ص ٤) والذخيرة (ق ٢ ص ٤١) والمعجب (ص ١٥٨) والحلة السيراء (ج ٢ ص ٥٢) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ص ١٥٧) والبيان المغرب (ج ٣ ص ٢٤٤ ، ٢٥٧) والوافي بالوفيات (ج ٣ ص ١٨٣) ووفيات الأعيان (ج ٤ ص ٢٧٤) والصلة (ص ٤٩٩ ، في ترجمة القاضي عبد الرحمن بن سوار).