والمظالم. وعزّ جاهه ، وكثرت حاشيته ، وتعدّدت غلمانه ، وأذعنت له عداته. ثم خلفه الأمير المعتضد ولده ، وكان خيّرا حازما ، سديد الرأي ، مصنوعا له في الأعداء ، فلمّا توفي ، تصيّر الأمر إلى ولده المترجم به ، المكني أبا القاسم إلى حين خلعه.
حاله : قالوا كلّهم : كان المعتمد ، رحمه الله ، فارسا شجاعا ، بطلا مقداما ، شاعرا ماضيا ، مشكور السيرة في رعيته. وقال أبو نصر في قلائده (١) : «وكان المعتمد على الله ملكا قمع العدا ، وجمع (٢) بين البأس والنّدا ، وطلع على الدنيا بدر هدى ، لم يتعطل يوما كفّه ولا بنانه ، آونة يراعه وآونة سنانه ، وكانت أيامه مواسم ، وثغور (٣) برّه بواسم». لقبه أولا الظّافر ، ثم تلقب (٤) بالمعتمد ، كلفا بجاريته اعتماد ، لمّا ملّكها ، لتتّفق حروف لقبه بحروف اسمها ، لشدة ولوعه بها.
وزراؤه : ابن زيدون. وابن عمّار ، وغيرهما.
أولاده المملّكون : عبيد الله ، يكنى أبا الحسن ، وهو الرّشيد ، وهو الذي لم يوافق أباه على استصراخ المرابطين ، وعرّض بزوال الملك عنهم ، فقال : أحبّ إليّ أن أكون راعي إبل بالعدوة من أن ألقى الله ، وقد حوّلت الأندلس دار كفر ، وكان قد ولّاه عهده ، وبويع له بإشبيلية ، وهو المحمول معه إلى العدوة. ثم الفتح ، وهو الملقب بالمأمون ، كان قد بويع له بقرطبة ، وهو المقتول بها ، المحمل رأسه إلى محلّة العدوّ المرابطين ، المحاصرة لأبيه بإشبيلية. ثم يزيد الراضي ، وكان قد ولّاه رندة ، فقتل لما ملكها اللمتونيون. ثم عبد الله ، ويكنّى أبا بكر. هؤلاء الأربعة من جاريته اعتماد ، السيدة الكبرى ، والمدعوة بالرّميكيّة منسوبة إلى مولاها رميك بن حجاج ، الذي ابتاعها منه المعتمد.
ملمّته : لمّا تكالب أدفونش بن فردلاند على الأندلس بعد أخذه مدين طليطلة ضيق بالمعتمد ، وأجحف في الجزية التي كان يتّقي بها على المسلمين عاديته ، وعلى ذلك أقسم أخذها وتجنّى عليه ، وطمع في البلاد ، فحكى بعض الإخباريين أنه وجّه إليه رسله في آخر أمره لقبض تلك الضريبة ، مع قوم من رؤساء النصارى ، ونزلوا خارج باب إشبيلية ، فوجّه إليهم المال ، مع بعض الوزراء ، فدخلوا على اليهودي
__________________
(١) قلائد العقيان (ص ٤).
(٢) كلمة «بين» غير واردة في القلائد.
(٣) في الأصل : «وثغوره برّة» ، والتصويب من القلائد.
(٤) عن لقبه بالمعتمد لتتفق حروف لقبه بحروف اسم زوجته اعتماد ورد في الحلة السيراء (ج ٢ ص ٦٢).