وفاته : كانت وفاة المعتمد على الله بأغمات في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، بعد أن تقدمت وفاته وفاة الحرة اعتماد ، وجزع عليها جزعا أقرب سرعة لحاقه بها. ولما أحسّ بالمنية رثى نفسه بهذه الأبيات وأمر أن تكتب على قبره (١) : [البسيط]
قبر الغريب سقاك الرّائح الغادي |
|
حقّا ظفرت بأشلاء ابن عبّاد |
بالحلم بالعلم بالنّعمى إذا اتصلت |
|
بالخصب إن أجدبوا بالرّيّ للصادي |
بالطّاعن الضارب الرّامي إذا اقتتلوا |
|
بالموت أحمر بالضّرغامة العادي |
بالدهر في نقم بالبحر في نعم |
|
بالبدر في ظلم بالصّدر في النادي |
نعم هو الحقّ فاجاني (٢) على قدر |
|
من السماء ووافاني (٣) لميعاد |
ولم أكن قبل ذاك النّعش أعلمه |
|
أنّ الجبال تهادى فوق أعواد |
كفاك فارفق بما استودعت من كرم |
|
روّاك كلّ قطوب البرق رعّاد |
يبكي أخاه الذي غيّبت وابله |
|
تحت الصّفيح بدمع رائح غادي |
حتى يجودك دمع الطّلّ منهمرا |
|
من أعين الزّهر لم تبخل بإسعاد |
فلا (٤) تزل صلوات الله نازلة (٥) |
|
على دفينك لا تحصى بتعداد |
بعض ما رثي به : قال ابن الصّيرفي : وخالف في وفاة المعتمد ، فقال : كانت في ذي حجة. فلمّا انفصل الناس من صلاة العيد ، حفّ بقبره ملأ ، يتوجعون ويترحمون عليه ، وأقبل ابن عبد الصمد ، فوقف على قبره وأنشد (٦) : [الكامل]
ملك الملوك ، أسامع فأنادي |
|
أم قد عدتك عن السّماع عوادي؟ |
لمّا خلت (٧) منك القصور فلم (٨) تكن |
|
فيها كما قد كنت في الأعياد |
أقبلت في هذا الثرى لك خاضعا |
|
وتخذت (٩) قبرك موضع الإنشاد |
__________________
(١) الأبيات في المعجب (ص ٢٢٢) ، وهي غير واردة في ديوانه.
(٢) في الأصل : «فاجأني» وهكذا ينكسر الوزن. وفي المعجب : «نعم هو الحقّ حاباني به قدر».
(٣) في المعجب : «فوافاني».
(٤) في المعجب : «ولا».
(٥) في المعجب : «دائمة».
(٦) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٣٠) ووفيات الأعيان (ج ٤ ص ٢٨٩) وجاء في الأخير أن الشاعر هو : أبو بحر عبد الصمد.
(٧) في وفيات الأعيان : «نقلت عن».
(٨) في المصدر : «ولم».
(٩) في وفيات الأعيان : «وجعلت».