فقلت : محمد بن عبد الرحمن ، فأخذني الشرطي ، وحملت إلى القابض بباب القنطرة ، فقالوا : هذا من كتبته من أرباب الحالي بكذا وكذا دينار ، فقلت : والله ما أنا إلّا من شاطبة ، وإنما اسمي وافق ذلك الاسم ، ووصفت له ما جرى عليّ ، فأشفق وضحك مني ؛ وأمر بتسريحي ، فسرت على وجهي إلى هنا.
بعض الأحداث في أيامه ، ونبذ من أخباره :
استولى على بلاد الشّرق ، مرسية وبلنسية وشاطبة ودانية ، ثم اتسع نطاق ملكه ، فولّي جيّان ، وأبدة ، وبيّاسة ، وبسطة ، ووادي آش. وملك قرمونة ، ونازل قرطبة وإشبيلية ، وكاد يستولي على جميع بلاد الأندلس ، فولّي صهره ابن همشك ، وقد مرّ في باب إبراهيم ، مدينة جيّان وأبدة وبيّاسة ، وضيّق منها على قرطبة ، واستولى على إستجة ، ودخل غرناطة سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، وثار عليه يوسف بن هلال من أصهاره بحصن مطرنيش وما إليه. ثم تفاسد ما بينه وبين صهره الآخر ابن همشك ، فكان سبب إدبار أمره ، واستولى العدو في مدة ابن سعد على مدينة طرطوشة عام ثلاثة وأربعين وخمسمائة ، وعلى حصن إقليج ، وحصن شرانية.
دخوله غرناطة : ولما دخل ابن همشك (١) مدينة غرناطة ، وامتنعت عليه قصبتها ، وهزم الجيش المصرخ لمن حصر بها من الموحدين بمرج الرّقاد (٢) وثاب أثناء ذلك أمر الموحدين ، فتجهز لنصرهم السيد أبو يعقوب ، وأجاز البحر ، واجتمعوا بالسيد أبي سعيد بمالقة ، استمدّ ابن همشك صهره الأسعد ، أبا عبد الله محمد بن سعد ، فخرج بنفسه في العسكر الكبير من أهل الشرق والنصارى ، فوصل إلى غرناطة ، واضطربت محلته بالربوة السامية المتصلة بربض البيّازين ، وتعرف إلى اليوم بكدية مردنيش ، وتلاحق جيش الموحدين بأحواز غرناطة ، فأبينوا جيش عدوهم ، فكانت عليه الدّبرة ، وفر ابن مردنيش ، فلحق بجيان ، واتصلت عليه الغلبة من لدن منتصف عام ستين ، فلم يكن له بعده ظهور.
وفاته : وظهر عليه أمر الموحدين ، فاستخلصوا معظم ما بيده ، وأوقعوا بجنده الوقائع العظيمة ، وحصر بمدينة مرسية ، واتصل حصاره ، فمات أثناء الحصار في عاشر
__________________
(١) هو القائد أبو الحسن بن همشك ، صهر محمد بن مردنيش ، كما ورد في أعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢٦١).
(٢) مرج الرقاد : موضع بظاهر غرناطة ، انهزم فيه الموحدون أقبح هزيمة سنة ٥٥٧ ه ـ على يد أبي الحسن بن همشك ، صهر محمد بن مردنيش. راجع أعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢٦١).