وفتح عليه في أمور ، منها تملّكه إشبيلية سنة تسع وعشرين وستمائة ، وولّى عليها أخاه الأمير أبا النجاة سالما الملقب بعماد الدولة. وفي سنة إحدى وثلاثين ، رجعت قرطبة إلى طاعته ، واستوسق أمره. وتملّك غرناطة ومالقة عام خمسة وعشرين وستمائة ، ودانت له البلاد. وفي العشر الأول من شوال ، دخل في طاعته الريّسان أبو زكريا ، وأبو عبد الله ، ابنا الرئيس أبي سلطان عزيز بن أبي الحجاج بن سعد ، وخرجا عن طاعة الأمير أبي جميل ، وأخذا البيعة لابن هود على ما في أيديهما. وفي سنة ست وعشرين وستمائة ، تملك الجزيرة الخضراء عنوة ، يوم الجمعة التاسع لشعبان من العام ، وفي العشر الوسط من شوال ورد عليه الخبر ليلا بقصد العدوّ وجهة مدينة وادي آش ، فأسرى ليله مسرجا بقية يومه ، ولحق بالعدو على ثمانين ميلا ، فأتى على آخرهم ، ولم ينج منه أحد.
إخوته : الرئيس أبو النجاة سالم ، وعلامته : «وثقت بالله» ، ولقبه «عماد الدولة» ، والأمير أبو الحسن عضد الدولة ، وأسره العدو في غارة ، وافتكّه بمال كثير ، والأمير أبو إسحاق شرف الدولة. وكلهم يكتب عنه ، من الأمير فلان.
ولده : أبو بكر الملقب بالواثق بالله ، أخذ له البيعة على أهل الأندلس ، في كذا ، وولّي بعده وليّ عهده ، واستقلّ بملك مرسية ، ثم لم ينشب أن هلك.
دخوله غرناطة : دخل غرناطة مرّات عديدة ، إحداها في سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، وقد وردت عليه الرّاية والتقليد من الخليفة العباسي ببغداد. وبمصلّى غرناطة ، قرىء على الناس كتابه ، وهو قائم ، وزيّه السّواد ، ورايته السوداء بين يديه ، وكان يوم استسقاء ، فلم يستتمّ على الناس قراءة الكتاب يومئذ ، إلّا وقد جادت السماء بالمطر ، وكان يوما مشهودا ، وصنعا غريبا ، وأمر بعد انصرافه ، أن يكتب عنه بتلك الألقاب التي تضمّنها الكتاب المذكور إلى البلاد.
وفاته : اختلف الناس في سبب وفاته ، فذكر أنه قد عاهد زوجه ألّا يتخذ عليها امرأة طول عمره ، فلمّا تصيّر إليه الأمر ، أعجبته روميّة حصلت له بسبب السّبي من أبناء زعمائهم ، من أجمل الناس ، فسترها عند ابن الرّميمي خليفته ، فزعموا أن ابن الرميمي علق بها ، ولما ظهر حملها ، خاف افتضاح القصة ، فدبّر عليه الحيلة ، فلمّا حلّ بظاهر ألمريّة ، عرض عليه الدخول إليها ، فاغتاله ليلا ، بأن أقعد له أربعة رجال ، قضوا عليه خنقا بالوسائد. ومن الغد ادّعى أنه مات فجأة ، ووقف عليه العدول ، والله أعلم بحقيقة الأمر سبحانه ، وكانت وفاته ليلة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة عام خمسة وثلاثين وستمائة. وفي إرجاف الناس بولاية ابن هود ، والأمر قبل وقوعه،