مشيخته : قرأ بغرناطة على شيخ الجماعة أبي عبد الله بن الفخّار ، وببلده على الأستاذ أبي عبد الله الطرسوني ، وبه انتفاعه. وكان جهوري الصّوت ، متفاضلا ، قليل التهيّب في الحفل. ولما حدث بالسلطان أبي عبد الله من كياد دولته ، وتلاحق بوادي آش مفلتا ، قام بأمره ، وضبط البلد على دعوته ، ولمّ المداهنة في أمره ، وجعل حيل عدوه دبر أذنه ، إلى أن خرج عنها إلى العدوة ، فكان زمان طريقه مفديا له بنفسه ، حتى لحق بمأمنه ، فتركها مغربة.
خبر في وفاته ومعرجه :
وكانت الحمد لله على محمده ، واستأثر به الدّاخل ، فشدّ عليه يد اغتباطه ، وأغرى به عقد ضنانته ، وخلطه بنفسه ، ثم أغرى به لمكانته من الشهامة والرياسة ، فتقبّض عليه ، وعلى ولده ، لباب بني وقته ، وغرّة أبناء جنسه ، فأودعهما مطبق أرباب الجرائم ، وهمّ باغتيالهما ، ثم نقلهما إلى مدينة المنكّب ليلة المنتصف لمحرم من عام اثنين وستين وسبعمائة في جملة من النّبهاء مأخوذين بمثل تلك الجريرة. ثم صرف الجميع في البحر إلى بجاية ، في العشر الأول لربيع الأول مصفّدين. ولما حلّوا بها ، أقاموا تحت برّ وتجلّة. ثم ركبوا البحر إلى تونس ، فقطع بهم أسطول العدو بأحواز تكرنت ، ووقعت بينه وبين المسلمين حرب ، فكرم مقام المترجم يومئذ ، وحسن بلاؤه. قال المخبر : عهدي به ، وقد سلّ سيفا ، وهو يضرب العدو ويقول : اللهمّ اكتبها لي شهادة. واستولى العدو على من كان معه من المسلمين ، ومنهم ولده ، وكتب : افتكّ الجميع ببلد العنّاب ، وانصرف ابنه إلى الحج ، وآب لهذا العهد بخلال حميدة كريمة ، من سكون وفضل ودين وحياء ، وتلاوة ، إلى ما كان يجده من الرّكض ، ويعانيه من فروسية ، فمضى على هذا السبيل من الشهادة ، نفعه الله ، في ليلة الجمعة الثامن لرجب من عام اثنين وستين وسبعمائة.
شعره : أنشدني قاضي الجماعة أبو الحسن بن الحسن له : [البسيط]
يا أيها المرتجي للطف (١) خالقه |
|
وفضله في صلاح الحال والمال |
لو كنت توقن حقا لطف قدرته |
|
فاشمخ بأنفك عن قيل وعن (٢) قال |
فإنّ لله لطفا عزّ خالقنا |
|
عن أن يقاس بتشبيه وتمثال |
وكل أمر وإن أعياك ظاهره |
|
فالصّنع في ذاك لا يجري على بال |
__________________
(١) في الأصل : «لطف» وهكذا ينكسر الوزن.
(٢) كلمة «عن» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها ليستقيم الوزن.