الجملة ، محوط الوفر ، ولم ينشب إلى أن لجأ إلى العدوة ، واتصل بالأمير أبي علي عمر بن السلطان الكبير أبي سعيد ، فحرّكه ، زعموا ، على محادّة أبيه ، وحمله على الانتزاء ، فكان ما هو معلوم من دعائه إلى نفسه ، ومنازعة أبيه ، ولقائه إياه بالمقرمدة (١) ، وفلّ جيشه ، وفي أثنائه هلك المترجم به.
وفاته : توفي بفاس الجديد في العشر الأول من شعبان عام أربعة عشر (٢) وسبعمائة.
محمد بن رضوان بن محمد بن أحمد بن إبراهيم
ابن أرقم النّميري
من أهل وادي آش ، يكنى أبا يحيى.
حاله : كان صدرا شهيرا ، عالما علما ، حسيبا ، أصيلا ، جمّ التحصيل ، قويّ الإدراك ، مضطلعا بالعربية واللغة ، إماما في ذلك ، مشاركا في علوم من حساب وهيئة وهندسة. قال الشيخ : كان في هذا كله أبرع من لقيته ، إلى سراوة وفضل وتواضع ودين ، جاريا في ذلك على سنن سلفه ، وعلوّ محتده ، جالسته ، رحمه الله ، كثيرا عند علية من أدركته بغرناظة ؛ لإقامته بها ، وتكرر لقائي إياه بها وبغيرها ، فرأيت أصيلا جليلا قد جمع علما وفضلا ، وحسن خلق ، وكان حسن التقييد ، لخطّه رونق يمتاز به ، ويبعد عن غيره. ولّي القضاء ببلده ، ثم ولّي بعد مدة ببرشانة (٣) ، فحمدت سيرته.
مشيخته : أخذ القراءات السبع عن أبي كرم جودي بن عبد الرحمن ، وقرأ عليه الغريب واللغة ، ولازمه في ذلك ، وأجاز له إجازة عامة ، وأخذ من غيره ببلده ، وصحب بغرناطة جملة من العلماء بها ، أيام اختلافه إليها ، وإقامته بها.
تواليفه : ألّف كتابا سماه «الاحتفال في استيفاء ما للخيل من الأحوال» ، وهو كتاب ضخم وقفت عليه من قبله وأفدته. واختصر الغريب المصنّف ، وله تقاييد منثور ومنظوم في علم النجوم ، ورسالة في الأسطرلاب الخطي والعمل به ، وشجرة في أنساب العرب.
وفاته : وفي ليلة السبت السابع عشر لشهر ربيع الآخر عام سبعة وخمسين وسبعمائة.
__________________
(١) المقرمدة : بلدة تقع جنوب شرقي مدينة فاس.
(٢) في الأصل : «أربع عشرة» وهو خطأ نحوي.
(٣) برشانة : بالإسبانيةPurchena ، وهي حصن على مجتمع نهرين. الروض المعطار (ص ٨٨).
وذكرها ياقوت في معجم البلدان (ج ١ ص ٣٨٤) وقال : إنها من قرى إشبيلية بالأندلس.