أبصاره ، ورموا بالثّكل فيه نازح أمصاره ، كان ممّن انتدب وتطوّع ، وسمع النّداء فأهطع (١) ، فلازمه إلى أن نفد لأهله القوت ، وبلغ من فسحة (٢) الأجل الموقوت ، فأقام الصّلاة بمحرابه ، وقد (٣) غيّر محيّاه طول اغترابه ، وبادره الطّاغية قبل أن يستقرّ نصل الإسلام في قرابه (٤) ، أو يعلق أصل الدّين في ترابه. وانتدب إلى الحصار به وتبرّع ، ودعاه أجله فلبّى وأسرع. ولمّا هدر عليه الفنيق (٥) ، وركعت إلى قبلته المجانيق (٦) ، أصيب بحجر دوّم عليه كالجارح المحلّق ، وانقضّ إليه انقضاض البارق المتألّق ، فاقتنصه واختطفه ، وعمد إلى زهره فقطفه (٧) ، فمضى إلى الله طوع نيّته ، وصحبته غرابة المنازع حتى في منيّته (٨).
مشيخته : قرأ على الأستاذ العلّامة أبي إسحاق الغافقي ، وعلى الأستاذ النحوي أبي بكر بن عبيدة ، واعتمد عليه ، وقرأ على الإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث.
تواليفه : ألّف (٩) كتبا ، منها (١٠) كتاب «شرح التّسهيل لابن مالك» ، وهو أجلّ كتبه ، أبدع فيه ، وتنافس الناس فيه. ومنها (١١) «الغرّة الطّالعة في شعراء المائة السابعة» ، ومنها (١٢) «إنشاد الضّوّال ، وإرشاد السّوّال في لحن العامة» ، وهو كتاب (١٣) مفيد ، و (١٤) «قوت المقيم». ودوّن ترسّل (١٥) رئيس الكتّاب أبي المطرّف بن عميرة وضمّه في سفرين. وله رجز (١٦) في الفرائض مفيد.
شعره : حدّثنا (١٧) شيخنا القاضي الشّريف ، نسيج وحده ، أبو القاسم الحسني ، قال : خاطبت الأستاذ أبا عبد الله بن هانىء ، رحمه الله ، بقصيدة من نظمي أولها (١٨) :
__________________
(١) أهطع : أسرع. لسان العرب (هطع).
(٢) في الأصل : «فتحة» والتصويب من النفح.
(٣) في النفح : «وحيّاه وقد ...».
(٤) القراب : جفن السيف وغمده. لسان العرب (قرب).
(٥) في الأصل : «الفتيق» والتصويب من النفح. والفنيق : الفحل من الإبل. لسان العرب (فنق).
(٦) في النفح : «وركع إلى قبلة المنجنيق».
(٧) في النفح : «فاقتطفه».
(٨) في النفح : «أمنيته».
(٩) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٨٢).
(١٠) في النفح : «منها شرح «تسهيل الفوائد» لابن مالك ، مبدع تنافس الناس فيه ...».
(١١) في النفح : «وكتاب».
(١٢) في النفح : «وكتاب».
(١٣) في النفح : «وكتاب».
(١٤) كلمة «كتاب» ساقطة في النفح.
(١٥) في النفح : «ترسيل أبي المطرّف ...».
(١٦) في النفح : «جزء».
(١٧) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٨٢) وجاء فيه : «وحدّثني شيخنا الشريف القاضي أبو القاسم قال : خاطبت ابن هانىء بقصيدة ...».
(١٨) الشعر في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٨٢ ـ ٣٨٣).