عليه ، وظهر له فضله ، وهو لهذا العهد ببابه ، حميد السيرة ، قويم الطريقة ، صحيح العقد ، حسن التدبير ، عظيم المشاركة للناس ، أشدّ الخلق حرصا على سعادة من صحبه ، وأكثرهم ثناء عليه ، وأصرحهم نصيحة له ، نبيل الأغراض ، فطن المقاصد ، قائم على الصنعة ، مبين العبارة ، معتدل في البحث والمذاكرة ، متكلّم في طريقة الصّوفية ، عديم النظير في الفضل ، وكرم النّفس.
شيوخه : قرأ على جدّه للأب ، وعلى الحكيم الوزير خالد بن خالد من شيوخ غرناطة ، وعلى شيخنا الحكيم الفاضل أبي زكريا بن هذيل ، ولازمه ، وانتفع به ، وسلك بالشيخ الصّوفي أبي مهذّب عيسى الزيات ثم بأخيه الصالح الفاضل أبي جعفر الزيات ، والتزم طريقته ، وظهرت عليه بركته.
تواليفه : ألّف كتبا نبيلة ، منها «تحفة المتوصل في صنعة الطب» وكتابا أسماه «الجهاد الأكبر» ، وآخر سمّاه «قمع اليهودي عن تعدّي الحدود» أحسن فيه ما شاء.
شعره : أنشدني بعد ممانعة واعتذار ، إذ هذا الغرض ليس من شأنه : [الطويل]
سألت ركاب العز أين ركابي |
|
فأبدى عنادا ثم ردّ جوابي |
ركابك مع سيري يسير بسيره |
|
بغير حلول مذ حللت جنابي |
فلا تلتفت سيرا لذاتك إنما |
|
تسير بها سيرا لغير ذهاب |
وهي متعددة.
مولده : ولد في عام سبعة وعشرين وسبعمائة.
محمد بن علي بن فرج القربلياني (١)
يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشفرة.
حاله : كان رجلا ساذجا ، مشتغلا بصناعة الطب ، عاكفا عليها عمره ، محققا لكثير من أعيان النّبات ، كلفا به ، متعيّشا من عشبه أول أمره ، وارتاد المنابت ، وسرح بالجبال ، ثم تصدّر للعلاج ، ورأس به ، وحفظ الكثير من أقوال أهله ، ونسخ جملة من كنانيشه على ركاكة خطّه ، وعالج السلطان نصر المستقرّ بوادي آش ، وقد طرق من بها مرض وافد حمل علاجه المشاقحة لأجله ، وعظم الهلاك فيمن اختصّ بتدبيره ، فطوّف
__________________
(١) نسبة إلى قربليان grevillente ، وهي قرية صغيرة بمقاطعة لقنت ، كثيرة الزيتون. الروض المعطار (ص ٤٥٥).