مشيخته : سمع من شيوخ إلبيرة ؛ محمد بن فطيس ، وابن عمريل ، وهاشم بن خالد ، وعثمان بن جهير ، وحفص بن نجيح ، وبقرطبة من عبيد الله بن يحيى بن يحيى وغيره.
من حكاياته : قال المؤرخ : من غريب ما جرى لأبي علي البغدادي ، في مقدمه إلى قرطبة ، أن الخليفة الحكم (١) أمر ابن الرّماحس عامله على كورتي إلبيرة وبجّانة ، أن يجيء مع أبي علي في وفد من وجوه رعيّته ، وكانوا يتذاكرون الأدب في طريقهم ، إلى أن تجاروا يوما ، وهم سائرون ، أدب عبد الملك بن مروان ، ومساءلته جلساءه عن أفضل المناديل ، وإنشاده بيت عبدة بن الطبيب (٢) : [البسيط]
ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة |
|
أعرافهنّ (٣) لأيدينا مناديل |
وكان الذّاكر للحكاية أبو علي ، فأنشد الكلمة في البيت : أعرافها (٤) ، فلوى ابن رفاعة عنانه منصرفا ، وقال : مع هذا يوفد على أمير المؤمنين ، وتتجشّم الرّحلة العظيمة ، وهو لا يقيم وزن بيت مشهور في النّاس ، لا يغلط فيه الصّبيان ، والله لا تبعته خطوة ، وانصرف عن الجماعة ، وندبه أميره ابن الرّماحس ، ورامه بأن لا يفعل ، فلم يجد فيه حيلة ، فكتب إلى الخليفة يعرّفه بابن رفاعة ، ويصف ما جرى معه ، فأجابه الحكم على ظهر كتابه : الحمد لله الذي جعل في بادية من بوادينا من يخطّئ وفد أهل العراق ، وابن رفاعة بالرّضا أولى منه بالسّخط ، فدعه لشأنه ، وأقدم بالرّجل غير منتقص من تكريمه ، فسوف يعليه الاختبار أو يحطّه.
وفاته : توفي سنة ثلاث أو أربع وأربعمائة.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي
ابن أبي بكر بن خميس الأنصاري
من أهل الجزيرة الخضراء.
__________________
(١) هو الخليفة الحكم بن عبد الرحمن الناصر ، المعروف بالحكم المستنصر ، حكم الأندلس من سنة ٣٥٠ ه إلى سنة ٣٦٦ ه.
(٢) عبدة بن الطبيب شاعر مخضرم أدرك الإسلام فأسلم ، وترجمته في الأغاني (ج ٢١ ص ٣٠) والشعر والشعراء (ص ٦١٣) وبيته هذا قاله في الصعلكة ، وهو في الأغاني (ج ٢١ ص ٣٢) والشعر والشعراء (ص ٦١٤).
(٣) في الأصل : «أعراقهنّ» بالقاف ، والتصويب من المصدرين. والأعراف : جمع عرف وهو شعر عنق الفرس. محيط المحيط (عرف).
(٤) في الأصل : «أعراقها» بالقاف.