ومن شعره قوله من قصيدة : [الطويل]
دعاني على طول البعاد هواها |
|
وقد سدّ أبواب اللّقاء (١) نواها |
وقد شمت برقا للّقاء (٢) مبشّرا |
|
وقد نفحت ريح الصّبا بشذاها |
وجنّ دجى ليل بخيل بصبحه |
|
كما بخلت ليلى بطيف سراها |
وقاد زماني قائد الحبّ قاصدا |
|
ربوعا ثوت ليلى بطول قناها |
وناديت والأشواق بالوجد برّحت |
|
ودمعي أجرى سابغا للقاها |
أيا كعبة الحسن التي النفس (٣) ترتجي |
|
رضاها وحاشى أن يخيب رجاها |
أحبك يا ليلى على البعد والنوى |
|
وبي منك أشواق تشبّ لظاها |
لئن حجبت ليلى عن العين إنني |
|
بعين فؤادي لا أزال أراها |
إلى أن بدا الصبح المشتّت شملنا |
|
وما بلغت نفس المشوق مناها |
فمدّت يمينا للوداع ودمعها |
|
يكفكفه خوف الرقيب سراها |
وقالت : وداعا لا وداع تفرّق |
|
لعلّ الليالي أن تديل نواها |
تذكّرنا ليلى معاهد باللّوى |
|
رعى الله ليلات اللّوى ورعاها |
وفاته : توفي في الطاعون الأعظم عام خمسين وسبعمائة.
محمد بن أحمد بن المراكشي
من أهل ألمريّة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بالمرّاكشي.
حاله : كان فتى جميل الرؤيا ، سكوتا ، مطبوعا على المغافصة (٤) والغمز ، مهتديا إلى خفيّ الحيلة ، قادرا على المباحثة ، ذكيّا ، متسوّرا على الكلام في الصّنائع والألقاب ، من غير تدرّب ولا حنكة ، دمث الأخلاق ، ليّن العريكة ، انتحل الطب ، وتصدّر للعلاج والمداواة ، واضطبن أغلوطة صارت له بها شهرة ، وهي رقّ يشتمل على أعداد وخطوط وزايرجة ، وجداول غريبة الأشكال ، تحتها علامات فيها اصطلاحات الصّنائع والعلوم ، ويتصل بها قصيدة رويّها لام الألف أولها ، وهي منسوبة لأبي العباس السبتي : [الطويل]
يقول لسبتيّ (٥) ويحمد ربّه |
|
مصلّ على هاد إلى الناس أرسلا |
__________________
(١) في الأصل : «اللقا» ، وكذا ينكسر الوزن.
(٢) في الأصل : «للقا» ، وكذا ينكسر الوزن.
(٣) في الأصل : «للنفس» ، وكذا ينكسر الوزن.
(٤) المغافصة : المفاجأة. لسان العرب (غفص).
(٥) في الأصل : «سبتيّ» ، وكذا ينكسر الوزن.