انتظم لهذا العهد في نمط من يستجاز ويجيز. وكان غفلا فأقام رسما محمودا ، ولم يقصّر عن غاية الاستعداد.
مشيخته : منهم الأستاذ ، مولى النعمة على أهل بلده ، أبو محمد عبد الواحد بن أبي السّداد الباهلي ، قرأ عليه القرآن العظيم أربع عشرة (١) ختمة قراءة تجويد وإتقان بالأحرف السّبعة ، وسمع عليه كتبا كثيرة ، وقال عند ذكره في بعض الاستدعاءات : ولازمته ، رضي الله عنه وأرضاه ، إلى حين وفاته ، ونلت من عظيم بركاته وخالص دعواته ما هو عندي من أجلّ الوسائل ، وأعظم الذخيرة ، وأفضل ما أعددته لهذه الدّار والدار الآخرة. وكان في صدر هذا الشيخ الفاضل كثير من علم اليقين. وهو علم يجعله الله في قلب العبد إذا أحبّه ؛ لأنه يؤول بأهله إلى احتمال المكروه ، والتزام الصّبر ، ومجاهدة الهوى ، ومحاسبة النّفس ، ومراعاة خواطر القلب ، والمراقبة لله ، والحياء من الله ، وصحّة المعاملة له ، ودوام الإقبال عليه ، وصحّة النّيّة ، واستشعار الخشية. قال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٢) فكفى بخشية الله علما ، وبالإقبال عليه عزّا. قلت : وإنما نقلت هذا ؛ لأنّ مثله لا يصدر إلّا عن ذي حركة ، ومضطبن بركة ، ومنهم الشيخ الخطيب الفاضل ولي الله أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الطّنجالي.
دخل غرناطة راويا ، وفي غير ذلك في شؤونه ، وهو الآن ببلده مالقة يخطب ببعض المساجد الجامعة بها على الحال الموصوفة.
محمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى الأنصاري الخزرجي
الميورقي (٣) الأصل ، سكن غرناطة.
حاله : كان محدّثا ، عالي الرّواية ، عارفا بالحديث وعلله ، وأسماء رجاله ، مشهورا بالإتقان والضبط ، ثقة فيما نقل وروى ، ديّنا ، زكيا ، متحاملا ، فاضلا ، خيّرا ، متقلّلا من الدّنيا ، ظاهريّ المذهب داوديّة (٤) ، يغلب عليه الزهد والفضل.
مشيخته : روى بالأندلس عن أبي بكر بن عبد الباقي بن محمد الحجاري ، وأبي علي الصدفي الغساني ، وأبي مروان الباجي ، ورحل إلى المشرق وحجّ ، وأخذ
__________________
(١) في الأصل : «أربعة عشر» وهو خطأ نحوي.
(٢) سورة فاطر ٣٥ ، الآية ٢٨.
(٣) نسبة إلى ميورقة mallorca ، وهي إحدى الجزر الثلاث : منورقة ويابسة وميورقة. الروض المعطار (ص ٥٤٩).
(٤) نسبة إلى خلف بن داود الأصفهاني ، مؤسس المذهب الظاهري.