وولّي الحسبة بمالقة ، حرسها الله تعالى ، فخاطبته في ذلك أداعبه ، وأشير إلى قوم من أجداده ، وأولي الحمل عليه بما نصّه : [السريع]
يا أيها المحتسب الجزل |
|
ومن لديه الجدّ والهزل |
تهنيك (١) والشكر لمولى الورى |
|
ولاية ليس لها عزل |
كتبت أيها المحتسب ، المنتمي إلى النزاهة المنتسب ، أهنّيك ببلوغ تمنّيك ، وأحذّرك من طمع نفس بالغرور تمنّيك ، فكأني (٢) وقد طافت بركابك الباعة (٣) ، ولزم لأمرك (٤) السّمع والطّاعة ، وارتفعت في مصانعتك الطّماعة ، وأخذت أهل الرّيب بغتة كما تقوم الساعة ، ونهضت تقعد وتقيم ، وسكوتك (٥) الريح العقيم ، وبين يديك القسطاس (٦) المستقيم ، ولا بدّ من شرك ينصب ، وجماعة على ذي جاه تعصب (٧) ، وحالة (٨) كيت بها الجناب الأخصب ، فإن غضضت طرفك ، أمنت عن الولاية صرفك ، وإن ملأت ظرفك (٩) ، رحّلت عنها حرفك ، وإن كففت فيها كفّك ، حفّك العزّ فيمن حفّك. فكن لقالي المجبّنة قاليا (١٠) ، ولحوت السّلّة ساليا. وأبد لدقيق الحوّارى زهد حواريّ (١١) ، وازهد فيما بأيدي الناس من العواري ، وسر في اجتناب الحلواء (١٢) ، على السبيل السّواء ، وارفض في الشّواء ، دواعي الأهواء ، وكن على الهرّاس (١٣) ، وصاحب ثريد (١٤) الرّاس ، شديد المراس ، وثب على بائع (١٥) طبيخ الأعراس ، ليثا مرهوب الافتراس ، وأدّب أطفال الفسوق (١٦) ، في السوق ، سيّما من
__________________
(١) في النفح : «يهنيك».
(٢) في النفح : «فكأنني بك وقد ...».
(٣) في الأصل : «الساعة» والتصويب من النفح.
(٤) في النفح : «أمرك».
(٥) في النفح : «وسطوتك».
(٦) القسطاس : الميزان المستقيم. محيط المحيط (قسطس).
(٧) في الأصل : «تتعصّب» والتصويب من النفح.
(٨) في النفح : «ودالّة يمتّ بها ...».
(٩) ملأت ظرفك : كناية عن قبول الهدية والرشا.
(١٠) قاليا : مبغضا. لسان العرب (قلا).
(١١) الحوّارى : لباب الدقيق وخالصه. والحواريّ : من يكون من أنصار الأنبياء. لسان العرب (حور).
(١٢) في الأصل : «الحلو» والتصويب من النفح.
(١٣) الهرّاس : صانع الهريسة. لسان العرب (هرس).
(١٤) في الأصل : «فريد» والتصويب من النفح. والثريد : كسرة الخبز المتلطخة بماء اللحم. محيط المحيط (ثرد).
(١٥) كلمة «بائع» غير واردة في النفح.
(١٦) في الأصل : «السوق» والتصويب من النفح.