لا تأخذنّك في الشّديد لومة |
|
فشخيص نشأته بفضلك قاما |
ربّيته علّمته أدّبته |
|
قدّمته للفرض منك إماما |
فجزاك ربّ الخلق خير جزاية |
|
عنّي وبوّأك الجنان مقاما |
وهو الآن بالحالة الموصوفة ، مستوطنا حضرة غرناطة ، وتاليا الأعشار القرآنية ، بين يدي السلطان ، أعزّه الله ، مرفّع الجانب ، معزّز الجراية بولايته أحباس المدرسة ، أطروفة عصره ، لو لا طرش نقص الأنس به ، نفعه الله.
مولده : ولد بمالقة في عاشر ربيع الأول من عام عشرة وسبعمائة.
ومن الغرباء في هذا الاسم
محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التّلمساني الأنصاري
السّبتي الدّار ، الغرناطي الاستيطان ، يكنى أبا الحسين ، ويعرف بالتّلمساني.
حاله : طرف في الخير والسلامة ، معرق في بيت الصّون والفضيلة ، معمّ (١) تخوّل في العدالة ، قديم الطّلب والاستعمال ، معروف الحقّ ، مليح البسط ، حلو الفكاهة ، خفيف إلى هيعة الدّعابة ، على سمت ووقار ، غزل ، لوذعي ، مع استرجاع وامتساك ، مترف ، عريق في الحضارة ، مؤثر للراحة ، قليل التّجلّد ، نافر عن الكدّ ، متّصل الاستعمال ، عريض السعادة في باب الولاية ، محمول على كتد المبرّة ، جار على سنن شيوخ الطّلبة والمقتاتين من الأرزاق المقدّرة ، أولى الخصوصيّة والضّبط من التّظاهر بالجاه على الكفاية. قدم على الأندلس ثمانية عشر وسبعمائة ، فمهد كنف القبول والاستعمال ، فولّي الحسبة بغرناظة ، ثم قلّد تنفيذ الأرزاق وهي الخطّة الشرعية والولاية المجدية ، فاتّصلت بها ولايته. وناب عنّي في العرض والجواب بمجلس السلطان ، حميد المنأى في ذلك كله ، يقوم على كتاب الله حفظا وتجويدا ، طيّب النّغمة ، راويا محدّثا ، أخباريا ، مرتاحا للأدب ، ضاربا فيه بسهم يقوم على كتب السّيرة النّبوية ، فذّا في ذلك. قرأه بالمسجد الجامع للجمهور ، عند لحاقه بغرناطة ، معربا به عن نفسه ، منبّها على مكانه ، فزعموا أن رجلا فاضت نفسه وجدا لشجو نغمته ، وحسن إلقائه. وقرأ التّراويح بمسجد قصر السلطان إماما به ، واتّسم بمجلسه بالسّلامة والخير ، فلم تؤثر عنه في أحد وقيعة ، ولا بدرت له في الحمل على أحد بنت شفه.
__________________
(١) المعمّ : الذي يعمّ القوم بالعطية ، أي يشملهم. لسان العرب (عم).