وفاته : توفي عام ثلاثة وأربعين (١) بغرناطة أو قبل ذلك بيسير ، وله خط حسن ، وممارسة في الطب ، وقد توسّط المعترك.
محمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد البلوي (٢)
من أهل ألمريّة ، يكنى أبا بكر.
أوليته : من كتاب «المؤتمن» (٣) قال : يشهر بنسبه وأصل سلفه من جهة بيرة ، إما من بجّانة (٤) ، وإما من البريج (٥) ، واستوعب سبب انتقالهم.
حاله : من «عائد الصلة» : كان أحد الشيوخ من طبقته ، وصدر الوزراء من نمطه ببلده ، سراوة وسماحة ، ومبرّة وأدبا ولوذعيّة ودعابة ، رافع راية الانطباع ، وحائز قصب السبق في ميدان التّخلّق ، مبذول البرّ ، شائع المشاركة.
وقال في «المؤتمن» : كان رجلا عاقلا ، عارفا بأقوال الناس ، حافظا لمراتبهم ، منزلا لهم منازلهم ، ساعيا في حوائجهم ، لا يصدرون عنه إلّا عن رضى بجميل مداراته. التفت إلى نفسه ، فلم ينس نصيبه من الذّلّ ، ولا أغفل من كان يألفه في المنزل الخشن ، واصلا لرحمه ، حاملا لوطأة من يجفوه منهم ، في ماله حظّ للمساكين ، وفي جاهه رفد للمضطرّين ، شيخا ذكيّ المجالسة ، تستطيب معاملته ، على يقين أنه يخفي خلاف ما يظهر ، من الرجال الذين يصلحون الدّنيا ، ولا يعلق بهم أهل الآخرة ، لعروه عن النّخوة والبطر ، رحمه الله. تكرّرت له الولاية بالديوان غير ما مرّة ، وورد على غرناطة ، وافدا ومادحا ومعزّيا.
مشيخته وما صدر عنه : قرأ على ابن عبد النّور ، وتأدّب به ، وتلا على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص أيام قضائه ببسطة ، ونظم رجزا في الفرائض.
__________________
(١) في النفح : (ج ٨ ص ٤٠٠): «توفي عام ثلاثة وأربعين وسبعمائة».
(٢) نسبة إلى دار بليّ بقرطبة ، وهو بليّ بن عمرو بن قضاعة ، وقبيلة بلي عربية كانت تسكن بشمالي قرطبة ، ولم تكن في أيام ابن حزم تحسن التحدث باللطينية. جمهرة أنساب العرب (ص ٤٤٣).
(٣) هو «المؤتمن على أنباء أبناء الزمن» لأبي البركات محمد بن محمد بن عياش البلفيقي. وقد تقدم اسم الكتاب كاملا في الجزء الثاني من الإحاطة في ترجمة ابن البركات.
(٤) بجّانة : بالإسبانيةpechina ، وهي مدينة بالأندلس مشهورة بحمّتها العجيبة ، وتبعد عن ألمرية خمسة أميال. الروض المعطار (ص ٧٩).
(٥) البريج : بلدة قريبة من بجاية ، تابعة للمرية.