محمد بن محمد بن شعبة الغسّاني (١)
من أهل ألمريّة ، يكنى أبا عبد الله.
حاله : قال شيخنا أبو البركات في الكتاب «المؤتمن» : من أهل ألمريّة ووجوهها ، لا حظّ له في الأدب ، وبضاعته في الطلب مزجاة. قطع عمره في الأشغال المخزنيّة ، وهو على ذلك حتى الآن. قلت : هذا الرجل أحد فرسان الطريقة العمليّة ، ماض على لين ، متحرك في سكون ، كاسد سوق المروءة ، ضان بما يملك من جدة ، منحطّ في هوّة اللّذة ، غير معرج على ربع الهمّة ، لطيف التّأنّي ، متنزّل في المعاملة ، دمث الأخلاق ، مليح العمل ، صحيح الحساب ، منجب الولد.
مشيخته : قرأ على ابن عبد النّور ، والقدر الذي يحسّ به عنه أخذه.
شعره : من شعره يخاطب أبا الحسن بن كماشة : [البسيط]
وافى البشير فوافى الأنس والجذل |
|
وأقبل السّعد والتوفيق والأمل |
وراقت الأرض حسنا زاهرا وسنى |
|
واخضرّ (٢) منها الرّبى والسّهل والجبل |
ولاح وجه عليّ بعد ذا فغدا |
|
له شعاع كضوء الشّمس متّصل |
مذ غاب أظلمت الدنيا لنا وغدت |
|
أحشاؤنا بلهيب الشّوق تشتعل |
وحين أشرقت الدّنيا بغرّته |
|
عاد الظّلام ضياء وانتفى الخبل |
إيه أبا حسن أنت الرجاء لنا |
|
مهما اعترت شدّة أو ضاقت الحيل |
وأنت كهف منيع من نحاك فقد |
|
نال المنى وبدا عيش له خضل |
يا سيدا قد غدا في المجد ذا رتب |
|
مشيدة قد بنتها السّادة الأول |
بنو كماشة أهل الفضل قد شهروا |
|
باهت بهم في قديم الأعصر الدّول |
السّالكون هدى السابقون مدى |
|
والباذلون ندى والناس قد بخلوا |
أنت الأخير زمانا والقديم علا |
|
والسّيّد المرتجى والفارس البطل |
إن كنت جئت أخيرا فارسا (٣) فلقد |
|
أضحى بجود يديك يضرب المثل |
حزت المآثر لا تحصى لكثرتها |
|
من رام إحصاءها سدّت له السّبل |
جزت البدور سنى والفرقدين علا |
|
وأنت تجر النّدى والوابل الهطل |
__________________
(١) ترجمة محمد بن محمد بن شعبة في الكتيبة الكامنة (ص ١١٦).
(٢) في الأصل : «واخضرّت» وكذا لا يستقيم الوزن.
(٣) كلمة «فارسا» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها ليستقيم الوزن والمعنى معا.