محنته : لقي نصبا في الخدمة السلطانية ، وغضّا من الدهر لبأوه ، بتعنّته وعدم مبالاته مرّات ، ضيّق لها سجنه ، وعرض عليه النّكال ، ونيل منه بالإهانة كلّ منال ، وأغرم مالا أجحف بمحتجنه ، وعرّض للأيدي نفائس كتبه ، وعلى ذلك فلم يذعر سربه ، ولا أضعفت النكبة جأشه.
ولادته : ولد عام ثلاثة وسبعين وستمائة. ومات ميتة حسنة. صلّى الجمعة ظهرا ، وقد لزم الفراش. ونفث دم الطاعون ، ومات مستقبل القبلة ، على أتمّ وجوه التأهب ، سابع شوال من عام خمسين وسبعمائة.
محمد بن عبد الله بن محمد بن مقاتل
من أهل مالقة ، يكنى أبا القاسم ، أزدي النسب ، إشبيلي الأصل ، من بيت نزاهة ونباهة.
حاله : كان فاضلا وقورا سمحا ، مليح الدّعابة ، عذب الفكاهة ، حلو النادرة ، يكتب ويشعر ، طرفا في الانطباع واللّوذعيّة ، آية في خلط الجدّ بالهزل. ولّي الإشراف بمدينة مالقة ، وتقلّب في الشهادة المخزنية عمره.
شعره : من شعره يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم ، رحمه الله : [الطويل]
فؤادي من خطب الزمان سقيم |
|
وفيه لسهم الحادثات كلوم |
ولم أشك دائي في البريّة لامرىء |
|
أأشكو به وابن الحكيم حكيم؟ |
وفاته : توفي بمالقة يوم الخميس عاشر شهر رمضان من عام تسعة وثلاثين وسبعمائة.
محمد بن علي بن عبد ربه التجيبي
من أهل مالقة ، يكنى أبا عمرو.
حاله : كان راوية ثقة ، بارع الأدب ، بليغ الكتابة ، طيّب النفس ، كامل المروءة ، حسن الخلق ، جميل العشرة ، تلبّس بالأعمال السلطانية دهرا ، وولّي إشراف غرناطة وغيرها ، إلى أن قعد لشكاية منعته من القيام والتّصرّف فعكف على النّظر ، فانتفع به.
مشيخته : كانت له رحلة سمع فيها بالإسكندرية على أبي عبد الله بن منصور وغيره ، وروى عنه الأخوان سالم وعبد الرحمن ، ابنا صالح بن سالم.