محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن عمر بن يوسف بن علي
ابن خالد بن عبد الرحمن بن حميد الهاشمي الطّنجالي (١)
لوشي (٢) الأصل ، مالقي النشأة والاستيطان.
أوليته : بيتهم نبيه إلى هاشميّة النّبه ، وهم ببلدنا لوشة أشراف ، وكانت لهم فيها ثروة وثورة اجتثّها الدهر ببعض طوارقه في أبواب المغالبات. ويمتّ سلفنا إليهم بصحبة ومصاهرة في حديث يستدعي طولا ، وانتقل خلفهم إلى مالقة.
حاله : من «عائد الصلة» : كان هذا الولي الفاضل ، المجمع على ولايته وفضله ، سهل اللقاء ، رفيقا بالخلق ، عطوفا على الضعفاء ، سالكا سنن الصّالح من السّلف سمتا وهديا ، بصره مغضوض ، ولسانه صامت إلّا من ذكر الله ، وعلمه نافع ، وثوبه خشن ، وطعمته قد نفدها الورع الشّديد حتى اصطفاها مختارة ، إذا أبصرت بها العين ، سبقتها العبرة. بلغ من الخلق الملوك فمن دونهم الغاية ، فكان يلجأ إليه المضطرّ ، وتمدّ إلى عنايته الأيدي ، وتحطّ بفنائه الوسائل ، فلا يرتفع عن كلف الناس ولا حوائجهم ، ولا ينقبض عن الشّفاعة لهم ، وإصلاح ذات بينهم ؛ له في ذلك كلّه أخبار طريفة. واستعمل في السّفارة بين ملكي العدوة والأندلس في أحوال المسلمين ، فما فارق هيئته ، وركوب حماره واستصحاب زاده ، وليس الخشن من ثوبه. وكان له حظّ رغيب من فقه وحديث ، وتفسير ، وفريضة. ولّي الخطابة ببلده مالقة ، واستسقى في المحول ، فسقي الناس.
حدّثني بعض أشياخنا ، قال : حضرت مقامه مستسقيا ، وقد امتنع الغيث ، وقحط الناس ، فما زاد عند قيامنا أن قال : أستغفر الله ، فضجّ الخلق بالبكاء والعجيج ، ولم يبرحوا حتى سقوا. وكراماته كثيرة ، ذائعة من غير خلاف ولا نزاع.
حدّث بعض أشياخنا عن الخطيب الصّالح أبي جعفر الزيات ، قال : رأيت في النّوم قائلا يقول : فقد اللّيلة من يعمر بيت الإخلاص بالأندلس ، فما انتصف النهار من تلك الليلة حتى ورد الخبر بموته.
__________________
(١) له حفيد يحمل اسمه ، ترجم له أبو الحسن النباهي والمقري ؛ هو القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يوسف الهاشمي الطنجالي ، ولي قضاء بلده مالقة صدر عام ٧٥٠ ه. تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٩٣) ونفح الطيب (ج ٧ ص ٣٦٤).
(٢) نسبة إلى لوشه Loja ، وهي مدينة من إقليم إلبيرة ، بينها بين إلبيرة ثلاثون ميلا. الروض المعطار (ص ٥١٣).