رأس العقبة المشرفة على الوادي ، صاح عليه أهل القرى ، إذ كانوا قد رأوا أسدا كبيرا جدا قد تعرّض في الطريق ، ما نجا قط من صادفه مثله ، فلما سمع الصياح قال : ما هذا؟ فقيل له : أهل القرى يصيحون عليه خيفة من السّبع ، قال : فأعرض عنهم بيده ، ورفع حاجبه كالمتكبّر على ذلك ، وأسكتهم ، وأخذ في الطّريق حتى وصل إلى الأسد ، فأشار عليه بالقضيب ، وقال له : من ههنا ، من ههنا ، اخرج عن الطريق ، فخرج بإذن الله عن الطريق ، ولم يوجد هنالك بعد. وأمثال ذلك كثيرة.
مشيخته : قرأ على الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع القرشي ، وأجازه والده أبو إسحاق إجازة عامة. ومن شيوخه القاضي المسنّ أبو عبد الله الأزدي ، والمحدّث أبو بكر بن مشليون ، وأبو عبد الله بن جوهر ، وأبو الحسين بن السراج ، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الخزرجي ، وأبو عبد الله بن الأبار ، وأبو الوليد بن العطار ، وأبو العباس بن عبد الملك ، وأبو إسحاق بن عياش ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن عطيّة ، وأبو بكر القرطبي حميد ، وأبو إبراهيم الطّرسي ، والقاضي أبو عبد الله بن عياض ، والكاتب أبو الحسن الرّعيني ، وأبو الحسن الشّاري ، وأبو يحيى بن الفرس ، وأبو إسحاق بن عبيد الله ، وأبو الحسن الغزّال ، وجماعة من الأندلس غير هؤلاء.
ومن أهل العدوة كأبي يعقوب المحاسبي ، وابن فرتون ، وغيرهما (١).
محنته : نمي عنه إلى السلطان بالأندلس ، أنه أغرى به ملك المغرب ، وتخلّص بعد لأي في خبر طويل ، وانتهب السلطان ماله ، وألحق أملاكه بالمختص (٢) ، واستمرّ ، وذلك إلى دولة والده ، وامتحن السّاعون به ، فعجّل الله عقوبتهم.
مولده : قال شيخنا : نقلت من خطّ أبيه ما نصّه : ولد ابني أبو بكر محمد ، أسعده الله ووفّقه ، في النصف الأول من ليلة يوم الاثنين الحادي والعشرين لذي قعدة من سنة ست وأربعين وستمائة.
وفاته : قال : ألفيت بخط القاضي الأديب الكاتب أبي بكر بن شبرين ، وكان ممن حضر جنازته بسبتة ، وكانت وفاة الفقيه النّاسك السّالك الصالح أبي بكر محمد بن الشيخ الفقيه المحدّث أبي إسحاق السلمي البلفيقي في العشر الأواخر من رمضان أربعة وتسعين وستمائة ، بمحروسة سبتة ، ودفن إثر صلاة العصر بجبّانة الخرّوبة من منارتها بمقربة من قبر ريحان الأسود العبد الصالح ، نفع الله به. وصلّى عليه الإمام أبو عبد الله بن حريث.
__________________
(١) في الأصل : «وغيرهم».
(٢) المختص : المستخلص ، وهو الأملاك السلطانية.