المرّاكشيين ومن جاورهم ، واختصّ بأبي زيد الهزميري ، وآثره وتبنّاه ، وكان يقول له : وألقيت عليك محبّة منّي ، فيظهر أثر ذلك عليه ، من ستر الهنات ، ووضع القبول ، فلا تجد من يستثقله من راض عنه أو ساخط. دخل الأندلس ، وقدم على غرناطة ، وتلوّم بها أياما.
نبذ من أقواله : فمن ذلك أنه إذا سئل عن نفسه يقول : أنا وليّ مفسود ، وفي هذا من النّصفة ، وخفّة الرّوح ما لا خفاء به. قال بعض شيوخنا (١) : قلت له يوما : كيف أنت؟ فقال (٢) : كيف أنا محبوس في الدّم. ومن حكمه : الليل والنهار حرسيّان (٣) ، أحدهما أسود ، والآخر أبيض ، وقد أخذ (٤) بمجامع الخلق إلى (٥) يوم القيامة ، وإنّ مردّنا (٦) إلى الله. ومرّ يوما بأبي العباس (٧) بن شعيب الكاتب وهو جالس في جامع الجزيرة ، وقد ذهبت به الفكرة ، فصاح به ، فلمّا رفع رأسه ، قال ، وله نعش (٨) خاطر : انظر إلى مركب عزرائيل ، قد رفع شراعه ، والنّدا (٩) عليه ، اركبوا يا عزا. قال شيخنا أبو عبد الله المقري : وجدته يوما في المسجد ذاكرا ، فقلت له : كيف أنت؟ فقال : مهيم في روضة يجبرون ، فهممت بالانصراف ، فقال : أين تذهب من روضة من رياض الجنة ، يقام فيها على رأسك بهذا التّاج؟ وأشار إلى المنار ، مملوءا بالله أكبر. قال : وأنشدني أبو العباس بن البنّاء ، وكتبهما عنه (١٠) : [الوافر]
قصدت إلى الوجازة (١١) في كلامي |
|
لعلمي بالصّواب في الاختصار |
ولم أحذر فهم (١٢) ما دون فهمي |
|
ولكن خفت إزراء الكبار |
فشأن فحولة العلماء شأني |
|
وشأن البسط تعليم الصّغار |
__________________
(١) النص في نفح الطيب (ج ٧ ص ٢٣٥).
(٢) في النفح : «فقال : محبوس في الروح ، وقال : الليل ...».
(٣) الحرسي : الحارس. لسان العرب (حرس).
(٤) في النفح : «أخذا».
(٥) في النفح : «يجرّانهم إلى القيامة».
(٦) في الأصل : «مررنا» والتصويب من النفح.
(٧) في نفح الطيب (ج ٧ ص ٢٣٥): «أبي العباس أحمد بن شعيب». وهو أحمد بن شعيب الجزنائي ، تازي الدار ، نزيل فاس. توفي بتونس عام ٧٥٠ ه. ترجمته في نثير فرائد الجمان (ص ٣٣٥) ونيل الابتهاج (ص ٦٨) والتعريف بابن خلدون (ص ٤٨) وجذوة الاقتباس (ص ٤٧) ودرة الحجال (ج ١ ص ٢١).
(٨) قوله : «وله نعش خاطر» غير وارد في النفح.
(٩) في النفح : «ونودي عليه الطلوع يا غزي».
(١٠) ورد في نفح الطيب (ج ٧ ص ٢٣٦) صدر البيت الأول فقط.
(١١) الوجازة : الإيجار. لسان العرب (وجز).
(١٢) في الأصل : «فهو» وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.