وفاته : توفي شهر ربيع الثاني عام خمسة عشر وسبعمائة. وكان الحفل في جنازته عظيما ، استوعب الناس كافّة ، وحضر السلطان فمن دونه ، وكانت تنمّ ، زعموا ، على نعشه وقبره رائحة المسك. وتبرّك الناس بجنازته ، وقصد قبره المرضى وأهل الحاجات ، وبقي القرّاء يقرءون القرآن عليه مدة طويلة ، وتصدّق على قبره بجملة من مال ، ففدي به طائفة من الأسرى. وقبره بباب إلبيرة عن يمين الخارج إلى مقبرة العسّال ، معروف هنالك.
محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن
ابن يوسف اللّواتي (١)
من أهل طنجة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بابن بطّوطة (٢).
حاله : من خطّ شيخنا أبي البركات ، قال : هذا رجل لديه مشاركة يسيرة في الطّلب ، رحل من بلاده إلى بلاد المشرق يوم الخميس الثاني من رجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة ، فدخل بلاد مصر والشام والعراق ، وعراق العجم ، وبلاد الهند والسّند ، والصين ، وصين الصّين ، وبلاد اليمن. وحج عام ستة وعشرين وسبعمائة. ولقي من الملوك والمشايخ عالما ، وجاور بمكّة. واستقرّ عند ملك الهند ، فحظي لديه ، وولّاه القضاء ، وأفاده مالا جسيما. وكانت رحلته على رسم الصّوفية زيّا وسجيّة ، ثم قفل إلى بلاد المغرب ، ودخل جزيرة الأندلس ، فحكى بها أحوال المشرق ، وما استفاد من أهله ، فكذّب. وقال : لقيته بغرناطة ، وبتنا معه ببستان أبي القاسم ابن عاصم بقرية نبلة ، وحدّثنا في تلك الليلة ، وفي اليوم قبلها عن البلاد المشرقيّة وغيرها ، فأخبر أنّه دخل الكنيسة العظمى بالقسطنطينية العظمى ، وهي على قدر مدينة مسقّفة كلها ، وفيها اثنا (٣) عشر ألف أسقف. قلت : وأحاديثه في الغرابة أبعد من هذا. وانتقل إلى العدوة ، فدخل بلاد السّودان. ثم تعرّف أن ملك المغرب استدعاه ، فلحق ببابه ، وأمر بتدوين رحلته.
__________________
(١) نسبة إلى لواته إحدى قبائل البربر.
(٢) يلقب ابن بطوطة بشمس الدين ؛ ولد بطنجة سنة ٧٠٣ ه ، وتوفي بمراكش سنة ٧٧٩ ه.
ترجمته في الدرر الكامنة (ج ٣ ص ٤٨٠) وهدية العارفين (ج ٢ ص ١٦٩) ودائرة المعارف الإسلامية (ج ١ ص ٩٩) والأعلام (ج ٦ ص ٢٣٥). وراجع أيضا مقدمة كتابه المسمى ب «رحلة ابن بطوطة» بقلم كرم البستاني.
(٣) في الأصل : «اثني» وهو خطأ نحوي.