الميثاق عند خروجه إلى شذونة (١) ألّا يعرض إليه بمكروه ، وأقسم له بالأيمان ، لئن نال منه شيئا ليعاقبنّه بمثله ، فلمّا قتله ، عقد الوثائق عليه ، وأخذ الشّهادات فيها بالظّلم والشّؤم خوفا من أبيه ، وكتب إليه يعتذر له ، ويحكّمه في نفسه.
مقتل المطرّف : قال (٢) : وظهرت عليه فعال قبيحة ، من أذى جيرانه بما أكّد غائلة أبيه عليه ، وأعان عليه معاوية بن هشام ، لما ذكروا أنّ المطرّف كان قد خلا به ، فذكروا أنه نزل يوما عنده بمنزله ، وأخذوا في حديث الأبناء ، وكان المطرّف عقيما ، فدعا معاوية بصبيّ يكلف به ، فجات وبرأسه ذؤابتان ، فلمّا نظر إليه المطرّف حسده ، وقال : يا معاوية ، أتتشبّه بأبناء الخلفاء في بنيهم؟ وتناول السّيف فحزّ به الذّؤابة ، وكان معاوية حيّة قريش دهاء ومكرا ، فأظهر الاستحسان لصنعه وانبسط معه في الأنس ، وهو مضطغن ، فلمّا خرج كتب إلى الخليفة يسأله اتّصاله إليه ، فلما أوصله كاشفه في أمر المطرّف بما أزعجه ، وأقام على ذلك ليلا أحكم أمره عند الخليفة بلطف حيلته ، فأصاب مقتله سهم سعايته. قال ابن الفيّاض : بعث الأمير عبد الله إلى دار ولده المطرّف عسكرا للقبض عليه ، مع ابن مضر ، فقوتل في داره حتى أخذ ، وجيء به إليه ، فتشاور الوزراء في قتله ، فأشار عليه بعضهم أن لا يقتله ، وقال بعضهم : إن لم تقتله قتلك ، فأمر ابن مضر بصرفه إلى داره ، وقتله فيها ، وأن يدفنه تحت الرّيحانة التي كان يشرب الخمر تحتها ، وهو ابن سبع وعشرين وسنة ، وذلك في يوم الأحد ضحى لعشر خلون من رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
منذر بن يحيى التّجيبي (٣)
أمير الثّغر ، المنتزي بعد الجماعة بقاعدة سرقسطة ، يكنى أبا الحكم ، ويلقّب بالحاجب المنصور ، وذي الرّياستين.
حاله : قال أبو مروان (٤) : وكان أبو الحكم رجلا من عرض الجند ، وترقّى إلى القيادة آخر دولة ابن أبي عامر ، وتناهى أمره في الفتنة إلى
__________________
(١) شذونة : بالإسبانيةsidona وهي كورة متصلة بكورة مورور ، نزلها جند فلسطين من العرب بعيد الفتح. الروض المعطار (ص ٣٣٩).
(٢) القول لابن حيان ، والنص في المقتبس بتحقيق إسماعيل العربي (ص ١٣٣ ـ ١٣٧) ولكن ابن الخطيب يورده هنا بتصرف.
(٣) ترجمة منذر بن يحيى التجيبي في المغرب (ج ٢ ص ٤٣٥) وأعمال الأعلام (القسم الثاني بتحقيق ليفي بروفنسال) (ص ١٩٦) والذخيرة (ق ١ ص ١٨٠) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٧٥).
(٤) النص في الذخيرة (ق ١ ص ١٨٠ ـ ١٨١) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٧٥ ـ ١٧٦) وأعمال ـ