الإمارة (١). وكان أبوه من الفرسان غير النّبهاء. فأمّا ابنه منذر ، فكان فارسا نقيّ الفروسة (٢) ، خارجا عن مدى الجهل ، يتمسك بطرف من الكتابة السّاذجة. وكان على غدره ، كريما ، وهب قصّاده مالا عظيما ، فوفدوا عليه ، وعمرت لذلك حضرته سرقسطة ، فحسنت أيامه ، وهتف المدّاح بذكره.
وفيه يقول أبو عمرو بن درّاج القسطلّي قصيدته المشهورة ، حين صرف إليه وجهه ، وقدم عليه في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة (٣) : [الكامل]
بشراك من طول التّرحّل والسّرى |
|
صبح بروح السّفر لاح فأسفرا |
من حاجب الشمس الذي حجب الدّجى |
|
فجرا بأنهار الذّرى (٤) متفجّرا |
نادى (٥) بحيّ على الندى ثم اعتلى |
|
سبل (٦) العفاة مهلّلا ومكبّرا |
لبّيك أسمعنا نداك ودوننا |
|
نوء الكواكب مخويا أو ممطرا |
من كلّ طارق ليل همّ (٧) ينتحي |
|
وجهي بوجه من لقائك أزهرا |
سار ليعدل عن سمائك أنجمي |
|
وقد ازدهاها عن سناك محيّرا |
فكأنما أعدته (٨) أسباب النّوى |
|
قدرا لبعدي عن يديك مقدّرا (٩) |
أو غار من هممي فأنحى شأوها |
|
فلك البروج مغرّبا ومغوّرا |
حتى علقت النّيّرين فأعلقا |
|
مثنى يدي ملك الملوك النّيّرا |
فسريت في حرم الأهلّة مظلما |
|
ورفلت في خلع السّموم مهجّرا |
وشعبت أفلاذ الفؤاد ولم أكد |
|
فحذوت من حذو الثّريّا منظرا |
ستّ تسرّاها (١٠) الجلاء مغرّبا |
|
وحدا بها حادي النّجاء (١١) مشمّرا |
لا يستفيق الصّبح منها ما بدا |
|
فلقا ولا جدي الفراقد ما سرى |
__________________
ـ الأعلام (ص ١٩٦).
(١) في الذخيرة : «إلى نيل الإمارة».
(٢) في الذخيرة وأعمال الأعلام : «لبق الفروسيّة».
(٣) القصيدة في ديوان ابن دراج القسطلي (ص ١٢٤ ـ ١٣١) وفي أعمال الأعلام (ص ١٩٨ ـ ٢٠٠) ٥١ بيتا. وقد أورد منها ابن بسام في الذخيرة (ص ١٨٠ ـ ١٨١) ٢٤ بيتا لم ترد هنا.
(٤) في الديوان وأعمال الأعلام : «النّدى».
(٥) في أعمال الأعلام : «ناديت حيّ».
(٦) في أعمال الأعلام : «سيل».
(٧) في الديوان : «همّي».
(٨) في الديوان : «أغرته».
(٩) رواية عجز البيت في الأصل هي :
نور الهدى عن يديك منوّرا
وكذا لا يستقيم الوزن ، والتصويب من الديوان.
(١٠) في أعمال الأعلام : «تسدّاها».
(١١) في المصدر نفسه : «النواء».