ظعن ألفن القفر في غول الدّجى |
|
وتركن مألوف المعاهد مقفرا |
يطلبن لجّ البحر حيث تقاذفت |
|
أمواجه والبرّ حيث تنكّرا |
هيم وما يبغين دونك موردا |
|
أبدا ولا عن بحر جودك مصدرا |
من كلّ نضو الآل محبوك المنى |
|
يزجيه نحوك كلّ محبوك القرا (١) |
بدن فدت منّا دماء نحورها |
|
ببغائها (٢) في كلّ أفق منحرا |
نحرت بنا صدر الدّبور فأنبطت |
|
فلق المضاجع تحت جوّ أكدرا |
وصبت إلى نحو (٣) الصّبا فاستخلصت |
|
سكن الليالي والنّهار المبصرا |
خوص نفخن بنا البرى حتى انثنت |
|
أشلاؤهن كمثل أنصاف البرا |
ندرت لنا أن لا تلاقي راحة |
|
مما تلاقي أو تلاقي منذرا (٤) |
وتقاسمت أن لا تسيغ حياتها |
|
دون ابن يحيى (٥) أو تموت فتعذرا |
لله أيّ أهلّة بلغت بنا |
|
يمناك يا بدر السماء المقمرا |
بل أيّ غصن في ذراك هصرته |
|
فجرى (٦) فأورق في يديك وأثمرا |
فلئن صفا ماء الحياة لديك لي |
|
فبما شرقت إليك بالماء الصّرى (٧) |
ولئن خلعت عليّ بردا أخضرا |
|
فلقد لبست إليك عيشا أغبرا |
ولئن مددت عليّ ظلّا باردا |
|
فلكم صليت إليك جوّا (٨) مسعرا |
وكفى لمن (٩) جعل الحياة بضاعة |
|
ورأى رضاك بها رخيصا فاشترى |
فمن المبلّغ عن غريب نازح |
|
قلبا يكاد عليّ أن يتفطّرا |
لهفان لا يرتدّ طرف جفونه (١٠) |
|
إلّا تذكّر عبرتي فاستعبرا |
أبنيّ ، لا تذهب بنفسك حسرة |
|
عن غول رحلي منجدا أو مغورا |
فلئن تركت الليل فوقي داجيا |
|
فلقد لقيت الصّبح بعدك أزهرا |
ولقد وردت مياه مأرب حفّلا |
|
وأسمت خيلي وسط جنّة عبقرا |
ونظمت للغيد الحسان قلائدا |
|
من تاج كسرى ذي البهاء وقيصرا |
__________________
(١) القرا : الظهر.
(٢) في أعمال الأعلام : «ببقائها». والبغاء : الطلب.
(٣) في المصدر نفسه : «نحر».
(٤) هو منذر بن يحيى ، ممدوح ابن دراج.
(٥) ابن يحيى : هو منذر بن يحيى ، المقدّم ذكره.
(٦) في الديوان : (نخر).
(٧) الماء الصّرى : الذي طال استنقاعه.
(٨) في أعمال الأعلام : «حرّا».
(٩) في الديوان : «وكفاك من».
(١٠) في أعمال الأعلام : «لا يرتد في أجفانه».