جامعة ، ولأسباب الملك مانعة ، وأظهرت من معادنها درر الحكم وغرر الكلم لائحة لامعة ، فاجتلت أقمارها طالعة ، واجتنت أزهارها يانعة. وصلى الله على سيدنا محمد الكريم المبعوث بالآيات البيّنات ساطية ساطعة ، والمعجزات المعجمات قاصمة لظهور الجاحدين قاطعة ، الذي زويت له الأرض فتدانت أفكارها وهي نابية شاسعة ، واشتاقت له المياه فبرزت بين أصابعه يانعة ، وامتثل السّحاب أمره فسحّ باستسقائه دررا هامية هامعة ، وحنّ الجذع له وكان حنينه لهذه الآيات الثّلاث آية رابعة ، إلى ما لا يحصى مما أتت به متواترات الأخبار وصيحات الآثار ناصرة لنبوّته ساطعة ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وعترته التي أجابت داعي الله خاشية خاشعة ، وأذعنت لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من الاستبداد خالية وللأنداد خالعة ، صلاة ديمتها دائمة متتابعة ، وسلّم كثيرا».
جمع فيه الكثير من أخبار الملوك وسيرهم ، وخصّ به ولده ووليّ عهده ، فجاء مجموعا يستظرف من مثله ، ويدلّ على مكانه من الأدب ومحلّه.
وثبت فيه الكثير من شعره ، فمن ذلك قصيدة أجاب فيها أحد رؤوس القبائل ، وقد طلب منه الرجوع إلى طاعته ، والانتظام في سلك جماعته ، وهي : [الطويل]
تذكّرت أطلال الرّبوع الطّواسم |
|
وما قد مضى من عهدها المتقادم |
وقفت بها من بعد بعد أنيسها (١) |
|
بصبر مناف أو بشوق ملازم |
تهيم بمغناهم وتندب ربعهم |
|
وأيّ فؤاد بعدهم غير هائم؟ |
تحنّ إلى سلمى ومن سكن الحمى |
|
وما حبّ سلمى للفتى بمسالم |
فلا تندب الأطلال واسل عن الهوى |
|
ولا تقل في تذكار تلك المعالم |
فإن الهوى لا يستفزّ ذوي النّهى |
|
ولا يستبي إلّا الضّعيف العزائم |
صبور على البلوى طهور من الهوى |
|
قريب من التّقوى بعيد المآثم |
ومن يبغ درك المعلوات ونيلها |
|
يساق بخلق الشّهد مرّ العلاقم |
ولائمة لمّا ركبنا إلى العلا |
|
بحار الردى في لجّها المتلاحم |
تقول بإشفاق : أتنسى هوى الدّما |
|
وتنثر درّا (٢) من دموع سواجم؟ |
إليك فإنّا لا يردّ اعتزامنا |
|
مقالة باك أو ملامة لائم |
ألم تدر أنّ اللوم لوم وأننا |
|
لنجتنب اللّوم اجتناب المحارم؟ |
__________________
(١) في الأصل : «أنسها» وكذا ينكسر الوزن.
(٢) في الأصل : «دررا» ، وكذا ينكسر الوزن.