قلت : ولمّا تعرّفت كلفه بالأدب والإلمام بمجاورته ، عزمت على لقائه ، وتشوّقت عند العزم على الرّحلة الحجازية ، إلى زيارته ، ولذلك كنت أخاطبه بكلمة منها : [الطويل]
على قدر قد جئت قومك يا موسى |
|
فجلّت بك النّعمى وزالت بك البوسى |
فحالت دون ذلك الأحوال ، وهو بحاله الموصوفة إلى هذا العهد ، وفّقه الله ، وسائر من تولّى أمرا من أمور المسلمين.
وجرى ذكره في رجز الدول (١) من نظمي : [الرجز]
بادرها المفدي الهمام موسى |
|
فأذهب الرحمن عنها البوسى |
جدّد فيها الملك لمّا أخلقا |
|
وبعث السّعد وقد كان لقا |
ورتّب الرّتب والرّسوما |
|
وأطلع الشّموس والنّجوما |
واحتجن المال بها والعدّه |
|
وهو بها باق لهذي المدّة |
ولادته : ولد بمدينة غرناطة حسبما وقعت عليه بخط الثّقة من ناسه ، في أول عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة (٢).
مبارك ومظفّر الأميران موليا المنصور بن أبي عامر (٣)
حالهما : قال أبو مروان (٤) : ترقّيا إلى تملّك بلنسية من وكالة السّاقية ، وظهر من سياستهما وتعاوضهما (٥) صحّة الألفة طول حياتهما ، ما فاتا به في معناهما (٦) أشقّاء الأخوّة وعشّاق الأحبّة ، إذ نزلا معا بقصر الإمارة مختلطين ، تجمعهما مائدة واحدة من غير تميّز في شيء ، إلّا الحرم خاصّة. وكان التّقدّم لمبارك في المخاطبة ، وحفظ رسوم الإمارة ، أفضل صرامة وذكرا ، قصر عنهما مظفّر ، لدماثة خلقه ، وانحطاطه
__________________
(١) رجز الدول : هو نفسه كتاب «رقم الحلل في نظم الدول» لابن الخطيب.
(٢) قتل أبو حمو في معركة دبّرها ابنه عبد الرحمن بالاتفاق مع بني مرين ، وذلك بموضع يقال له «الغيران» يبعد نصف يوم عن تلمسان ، في ٤ ذي الحجة سنة ٧٩١ ه.
(٣) أخبار مبارك ومظفر في أعمال الأعمال القسم الثاني ص ٢٢٢) والذخيرة (ق ٣ ص ١٤) والمغرب (ج ٢ ص ٢٩٩) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٥٨).
(٤) قارن بالذخيرة (ق ٣ ص ١٤ ـ ١٥ ، ١٨) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٥٨ ـ ١٥٩) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢٢٢).
(٥) في أعمال الأعلام : «وتقارضهما».
(٦) في الأصل : «معناها» والتصويب من المصادر.