لصاحبه في سائر أمره ، على نحلته (١) بكتابة ساذجة وفروسة (٢) ، فبلغا الغاية من اقتناء الأسلحة والآلات الملوكية ، والخيل المغربات ، ونفيس الحلي والحلل ، وإشادة البناء للقصور. واشتمل هذا الرأي على جميع أصحابهما ، ومن تعلّق بهما من وزرائهما وكتّابهما ، ولم يعرض لهما عارض إنفاق (٣) بتلك الآفاق ، فانغمسا في النّعيم إلى قمم رؤوسهما حتى انقضى أمرهما.
قال (٤) : وكان موت مبارك أنه ركب يوما من قصر بلنسية ، وقد تعرّض أهلها مستغيثين من مال افترضه عليهم ، فقال لهم : إن كنت لا أريد إنفاقه فيما يعمّ المسلمين نفعه فلا تؤخّر عقوبتي يومي هذا. وركب إثر ذلك ، فلما أتى القنطرة ، وكانت من خشب ، خرجت رجل فرسه من حدّها فرمى به أسفلها ، واعترضته خشبة ناتئة (٥) شرخت وجهه ، وسقط الفرس عليه ، ففاضت نفسه ، وكفاهم الله أمره يومئذ.
وفي مبارك ومظفّر يقول أبو عمرو بن درّاج القسطلّي ، رحمه الله (٦) : [الطويل]
أنورك أم أوقدت بالليل نارك |
|
لباغ قراك أو لباغ جوارك؟ |
وريّاك أم عرف المجامر أشعلت |
|
بعود الكباء والألوّة (٧) نارك؟ |
ومبسمك الوضّاح أم ضوء بارق |
|
حداه دعائي أن يجود ديارك؟ |
وخلخالك استنضيت أم قمر بدا؟ |
|
وشمس تبدّت أم ألحت سوارك؟ |
__________________
(١) في أعمال الأعلام : «على تحلّيه».
(٢) في المصادر : «وفروسيّة».
(٣) في أعمال الأعلام : «اتفاق».
(٤) قارن بالذخيرة (ق ٣ ص ٢٠) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٦٣) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢٢٥).
(٥) في الذخيرة : «نابية شدخت». وفي أعمال الأعلام : «ثانية شدخت».
(٦) ديوان ابن دراج القسطلي (ص ١٠١ ـ ١٠٨). وورد منها في الذخيرة (ق ٣ ص ١١ ـ ١٢) فقط خمسة أبيات. وفي المغرب (ج ٢ ص ٢٩٩) بيت واحد. وورد معظمها في أعمال الأعلام (القسم الثاني ص ٢٢٣ ـ ٢٢٥) ولكن بروي مختلف ، فجاء بكاف مفتوحة تتبعها ألف ، أي باستعمال ضمير المخاطب المذكر ، هكذا : (جواركا).
(٧) الكباء : ضرب من العود يتبخّر به. وكذلك الألوّة.