ومن ترجمة الأعيان والوزراء
بل ومن ترجمة الطارئين والغرباء منها
منصور بن عمر بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو
يكنى أبا علي.
أوليّته : معروفة ، قد مرّت عند ذكر إخوته وقومه.
حاله : كان ، رحمه الله ، فتى القوم ، لسنا ، مفوّها ، مدركا ، متعاطيا للأدب والتاريخ ، مخالطا للنّبلاء ، متسوّرا خلق العلماء ، غزلا ، كلفا بالدّعابة ، طرفة من طرف أهل بيته ، قويّ الشّكيمة ، جوادا بما في وسعه ، متناهيا في البدانة. دخل غرناطة في الجملة من إخوانه وبني عمّه ، مغرّبين عن مقرّ الملوك بالمغرب ، وأقام بها إلى شهر ربيع الأول من عام ثلاثة وستين وسبعمائة. وركب البحر في الخامس والعشرين منه ، عندما لحق أخوه عبد الحكيم بالمغرب. وبايعه الناس ، ولاحت له بارقة لم تكد تقد حتى خبت ، فبادر إلى مظاهرته في جفن غزوي (١) من أسطول الأندلس ، وصحبه قوم ممن يخطب الخطط ، ويبتدر رمق الدول ، وهال عليهم البحر ، فطرح الجفن بأحواز غسّاسة ، وقد عادتها ملكة عدوّهم ، فتقبّض عليه ، وأدخل مدينة فاس في الثاني لربيع الآخر من العام ، مشهور المركب على الظّهر ، يضرب بين يديه طبل للشّهرة ، وناقور المثلة ، وأجلس بين يدي السلطان ، فأبلى بما راق الحاضرين من بيانه من العذر للخروج بالاستمالة حتى لرجي خلاصه ، واستقرّ مثقّفا تتعلّق به الأراجيف ، ويحوم حول مطرحة الاختبار إلى حين وفاته.
شعره : أنشدني الفقيه الأديب أبو بكر بن أبي القاسم بن قطبة من شعره ، وكان صاحبه في الرّحلة ، ومزامله في أسطول المنحسة ، وذلك قوله : [مخلع البسيط]
سوف ننال المنى ونرقى |
|
مراقي العزّ والمعالي |
إذا حططنا بأرض فاس |
|
وحكّمت في العدى العوالي |
فأنت عندي بها حقيق |
|
يا حائز الفضل والكمال |
__________________
(١) الجفن والجفنة : واحدة الأجفان ، وهو سفينة حربية دائرية شبيهة بالقصعة ، من سفن الغزو والحرب ، اهتمّ بها المغرب الإسلامي وكثر استعماله لها. وإذا أضيفت لفظة «جفن» هنا إلى صفة «غزوي» فإنها تضاف أيضا إلى «بحري» و «حربي» ، فيقال : جفن بحري ، وجفن حربي. كذلك استعمل الجفن إلى جانب الحروب ، في نقل المتاجر. راجع السفن الإسلامية على حروف المعجم (ص ٢٣ ـ ٢٧) وتكملة المعاجم العربية (ج ٢ ص ٢٣١).