وفاته : في وسط جمادى الأولى من العام (١) ، دخل عليه في بيت معتقله فقتل ، ودفن ببعض مدافنهم ، رحمة الله عليه.
مقاتل بن عطية البرزالي
يكنى أبا حرب ، وقال فيه أبو القاسم الغافقي : من أهل غرناطة ، ويلقّب بذي الوزارتين ، ويعرف بالرّيّه (٢) لحمرة كانت في وجهه.
حاله : كان من الفرسان الشجعان ، لا يصطلى بناره ، وكان معه من قومه نحو من ثلاث مائة فارس من بني برزال. وولّاه الأمير عبد الله بن بلقّين بن باديس مدينة أليسّانة (٣) ، والتقى به ابن عباد وأخذ بمخنّقها ، وكان عبد الله يحذره. وعندما تحقّق حركة اللّمتونيين (٤) إليه ، صرفه عن جهته ، فقلّ لذلك ناصره ، وأسرع ذهاب أمره.
شجاعته : قال : وحضر مقاتل مع عبد الله بن بلقين ، أمير غرناطة ، وقيعة النّيبل في صدر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، فأبلى فيها بلاء عظيما ، وجرح وجهه ، ومزّق درعه بالطّعن والضّرب. وذكر من حضرها ونجا منها ، قال : كنت قد سقط الرمح من يدي ولم أشعر ، وحملت التّرس ولم أعلم به ، وحملني الله إلى طريق منجاة فركبتها ، مرّة أقع ومرّة أقوم ، فأدركت فارسا على فرس أدهم ورمحه على عاتقه ، ودرقته على فخذه ، ودرعه مهتّكة بالطّعن ، وبه جرح في وجهه يثعب دما تحت مغفره ، وهو مع ذلك ينهض على رسله ، فرجعت إلى نفسي فوجدت ثقلا ، فتذكرت التّرس ، فأخرجت حمالته عن عاتقي ، وألقيته عني ، فوجدت خفّة ، وعدت إلى العدوّ ، فصاح ذلك الفارس : خذ التّرس ، قلت : لا حاجة لي به ، فقال : خذه ، فتركته وولّيت مسرعا ، فهمز فرسه ووضع سنان رمحه بين كتفيّ ، وقال : خذ الترس ، وإلّا أخرجته بين كتفيك في صدرك ، فرأيت الموت الذي فررت منه ، ورجعت إلى التّرس فأخذته ، وأنا أدعو عليه ، وأسرعت عدوا ، فقال لي : «على ما كنت فليكن عدوّك» ، فاستعذت
__________________
(١) أي عام ٧٦٣ ه.
(٢) هذه الكلمة إسبانيةel rojo ، ومعناها الأحمر.
(٣) أليسّانة أو اللّسّانة : بالإسبانيةlucena ، وهي إحدى مدن غرناطة ، وتسمى مدينة اليهود ؛ لأن اليهود كانوا يسكنون بجوفها ولا يداخلهم فيها مسلم البتة ، وكان لها ربض يسكنه المسلمون وبعض اليهود. راجع مملكة غرناطة (ص ٦٣).
(٤) اللمتونيّون : هم المرابطون ، إذ تحرّكوا إلى غرناطة سنة ٤٨٣ ه لمقاتلة أميرها عبد الله بن بلقين بن باديس بن حبوس الزيري. راجع مملكة غرناطة (ص ٢٢٠ ـ ٢٢١).