الحسن بن الدّباغ ، وأبا علي الشّلوبين ، وأبا القاسم بن بقي ، وأجازوا له. وروى عنه أبو جعفر بن الزبير ، والقاضي أبو عبد الله بن عبد الملك ، وجماعة.
دخوله غرناطة : قال ابن الزبير (١) : تكرّر قدومه علينا بغرناطة ، وآخر انفصالاته عنها آخر سنة أربع وسبعين وستمائة. وقال لي حفيده أبو الحسين التّلمساني من شيوخنا : أنشد السلطان الغالب بالله ، بمجلسه للنّاس من المقصورة بإزاء الحمراء ، قبل بناء الحمراء. وقال غيره : أقام بغرناطة ، وعقد بها الشروط مدة. وقال لي شيخنا أبو الحسن الجيّاب : ولي القضاء بجهات من البشارات (٢) ، وشكى للسّلطان بضعف الولاية ، فأضاف إليه حصن أشكر (٣) ، يا متشو (٤) ، وأمر أن يهمل هذا الاسم ولا يشكّل ، فقال أبو الحكم ، رحمه الله ، عند وقوفه عليه : قال لي السلطان في تصحيف هذا الاسم ، «أشكر يا تيس» وهي من المقاصد النبيلة.
تواليفه : وهي كثيرة متعدّدة ، منها شعره ، والذي دوّن منه أنواع ، فمنه مختاره ، وسمّاه بالجولات ، ومنه الصدور والمطالع. وله العشريات والنّبويّات على حروف المعجم ، والتزام افتتاح بيوتها بحرف الرّوي ، وسمّاها ، «الوسيلة الكبرى المرجو نفعها في الدّنيا والأخرى». وعشرياته الزّهديّة ، وأرجوزته المسماة «سلك المنخّل ، لمالك بن المرحّل» نظم فيها منخل أبي القاسم بن المغربي ، والقصيدة الطويلة المسماة بالواضحة ، والأرجوزة المسماة «اللّؤلؤ والمرجان» والموطّأة لمالك. والأرجوزة في العروض. وكتابه في كان ما ذا ، المسمّى «بالرّمي بالحصا» ، إلى ما يشقّ إحصاره ، من الأغراض النّبيلة ، والمقاصد الأدبية.
شعره : قال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك : كان مكثرا من النّظم ، مجيدا ، سريع البديهة ، مستغرق الفكرة في قرضه ، لا يفتر عنه حينا من ليل أو نهار. شاهدت ذلك ، وأخبرني أنّه دأبه ، وأنه لا يقدر على صرفه من خاطره ، وإخلاء باله من الخوض فيه ، حتى كان من كلامه في ذلك ، أنه مرض من الأمراض المزمنة. واشتهر نظمه ، وذاع شعره ، فكلفت به ألسنة الخاصّة والعامّة ، وصار رأس مال المستمعين
__________________
(١) قارن بالذيل والتكملة (السفر الثامن ص ٥٢٧).
(٢) في الذيل والتكملة : «ولّي القضاء مرات بجهات غرناطة وغيرها». والبشارات أو البشارة أو البشرات ، alpujarras : هي المنطقة الجبلية الواقعة جنوب سفوح جبل شلير ، على مقربة من البحر المتوسط. نفح الطيب (ج ١ ص ١٥٠) و (ج ٤ ص ٥٢٤ ـ ٥٢٥) ومملكة غرناطة (ص ٤٦).
(٣) أشكر ، بالإسبانيةhuescar ؛ وهو حصن يقع شمال شرقي غرناطة.
(٤) في الأصل : «نتشر» وهو تحريف. ومتشو : كلمة إسبانية : macho وتعني : التّيس.