أدرّبه. لم يبق لي حيلة إلّا الدّعاء المجاب ، فعسى الكرب أن ينجاب. اللهمّ كما أمددت هذين السّيّدين بالعلم الذي هو جمال ، وسدّدتهما إلى العمل الذي هو كمال ، وجمعت فيهما الفضائل والمكارم ، وختمت بهما الأفاضل والمكارم ، وجعلت الأدب الصّريح أقلّ خصالهما ، والنّظر الصحيح أقلّ نصالهما ، فاجعل اللهمّ لي في قلوبهما رحمة وحنانا ، وابسط لي منهما وجها واشرح لي جنانا ، واجعلني اللهمّ ممّن اقتدى بهما ، وتعلّق بأهدابهما ، وكان دأبه في الصّالحات كدأبهما ، حتى أكون بهما ثالث القمرين في الآيات ، وثالث العمرين في عمل البرّ وطول الحياة ، اللهمّ آمين ، وصلّى الله على محمد خاتم النبيّين. وكأنّي أنظر إلى سيديّ عزّهما الله إذا وقفا على هذا الخطاب ، ونظرا إلى هذا الاحتطاب ، كيف يديران رمزا ، ويسيران غمزا؟ ويقال : استتبّ الفصال ، وتعاطى البيذق ما تفعل النّصال ، وحنّ جذع ليس منها (١) ، وخذ عجفاءك وسمّنها ، فأقول وطرفي غضيض ، ومحلّي الحضيض ، مثلي كمثل الفروج أو ثاني البروج ، وما تقاس الأكفّ بالسّروج ، فأضربا عني أيها الفاضلان ، ما أنا ممّن تناضلان ، والسلام».
مولده : قال شيخنا الفقيه أبو عبد الله ابن القاضي المتبحّر العالم أبي عبد الله بن عبد الملك : سألته عن مولده فأنشدني : [الرجز]
يا سائلي عن مولدي كي أذكره |
|
ولدت يوم سبعة وعشره |
من المحرّم افتتاح أربع |
|
من بعد ستمائة مفسّرة |
وفاته : في التاسع (٢) عشر لرجب عام تسعة وتسعين وستمائة ، ودفن بمقبرة فاس ، وأمر أن يكتب على قبره : [مجزوء الخفيف]
زر غريبا بمقره |
|
نازحا ما له ولي (٣) |
تركوه موسّدا |
|
بين ترب وجندل |
ولتقل عند قبره |
|
بلسان التّدلّل |
يرحم الله عبده |
|
مالك بن المرحّل |
__________________
(١) في الأصل : «منهما».
(٢) في الذيل والتكملة (السفر الثامن ص ٥٢٧): «كانت وفاته بمدينة فاس في الثامن عشر لرجب الفرد من سنة تسع وتسعين وستمائة». وفي هدية العارفين : توفي سنة ٦٧٢ ه.
(٣) في الأصل : «ول» بدون ياء.