الفقيه المعظم ، أبا عبد الله بن الخطيب وأولاده الثلاثة عبد الله ، ومحمدا ، وعليّا ، أسعدهم الله ، جميع ما يجوز لي وعنّي روايته ، وأنشدته قولي أخاطب بعض أصحابنا : [الطويل]
يحيّيك عن بعض المنازل صاحب |
|
صديق غدت تهدى إليك رسائله |
مقدّمة حفظ الوداد وسيلة |
|
ولا ودّ أن تصحّ وسائله |
يسائل عنك الدارسين (١) ولم يكن |
|
تغيب لبعد الدار عنك مسائله |
وكتبت له قبل هذا مما أنشدته عند قدومي على غرناطة : [المجتث]
يا من وجدناه لفظا |
|
حقيقة في المعالي |
مقدّمات علاكم |
|
أنتجن كلّ كمال |
وكل نظم قياس |
|
خلوت منه فخال |
وهو من لدن أزعج عن الأندلس ، كما تقدّم ذكره ، مقيم بتلمسان ، على ما كان عليه من الإقراء والتدريس.
مسلم بن سعيد التّنملّي (٢)
حاله : كان غير نبيه الأبوّة. ظهر في دولة السلطان أمير المسلمين ، ثاني الملوك من بني نصر (٣) ، بمزيد كفاية ، فقلّده خطّة الحفازة ، وهي تعميم النظر في المجابي ، وضمّ الأموال ، وإيقاع النّكير في محلّ التّقصير ، ومظانّ الريب ، فنمت حاله ، وعظم جاهه ، ورهبت سطوته ، وخيف إيقاعه ، وقربت من السلطان وسيلته ، فتقدّم الخدّام ، واستوعب أطراف الحظوة ، واكتسب العقار ، وصاهر في نبيه البيوتات ، وأورث عنه أخبارا تشهد له بالجود وعلوّ الهمة ، وشرف النفس ، إلى أن قضى على هذه الوتيرة.
ذكروا أن شخصا جلب سلعة نفيسة مما يطمع في إخفائها ، حيدة عن وظيفة المغرم الباهظة في مثل جنسه ، فبينما هو يروم المحاولة ، إذ بصر بنبيه المركب والبزة ،
__________________
(١) في الأصل : «الدارين» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى.
(٢) نسبة إلى تين ملّل ، سرير ملك بني عبد المؤمن الموحدي ، بها كان أول خروج المهدي محمد بن تومرت ، الذي أقام بالدولة ، ومات فصارت لعبد المؤمن ثم لولده. معجم البلدان (ج ٢ ص ٦٩).
(٣) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف بن نصر ، الذي حكم غرناطة من سنة ٦٧١ ه إلى سنة ٧٠١ ه. اللمحة البدرية (ص ٥٠).