حرف النون
الملوك والأمراء
نصر بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر بن أحمد
ابن محمد بن خميس بن عقيل الخزرجي الأنصاري (١)
أمير المسلمين بالأندلس ، بعد أبيه وجدّه وأخيه ، يكنى أبا الجيوش ، وقد تقدم من أوليّة هؤلاء الملوك ما يغني عن الإعادة.
حاله : من كتاب «طرفة العصر في أخبار الملوك من بني نصر» من تصنيفنا ، قال : كان فتى يملأ (٢) العيون حسنا وتمام صورة ، دمث الأخلاق ، ليّن العريكة ، عفيفا ، مجبولا على طلب الهدنة وحبّ الخير ، مغمد السّيف ، قليل الشّر ، نافرا للبطر وإراقة الدماء ، محبّا في العلم وأهله ، آخذا من صناعة التّعديل (٣) بحظّ رغيب ، يخطّ التقاويم (٤) الصّحيحة ، ويصنع الآلات الطّريقة (٥) بيده ، اختصّ في ذلك الشيخ الإمام أبا عبد الله بن الرّقّام ، وحيد عصره ، فجاء واحد دهره ظرفا وإحكاما. وكان حسن العهد ، كثير الوفاء. حمله الوفاء على اللّجاج في أمر (٦) وزيره المطلوب بعزله ، على الاستهداف للخلع.
تقدّم يوم خلع أخيه ، وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة ، وسنّه ثلاث وعشرون سنة ، فكان من تمام الخلق ، وجمال الصّورة ، والتّأنق في (٧) ملوكي اللّباس ، آية من آيات الله خالقه. واقتدى (٨) برسوم أبيه وأخيه ، وأجرى الألقاب والعوائد لأول دولته. وكانت أيامه ، كما شاء الله ، أيام نحس مستمرّ ، شملت المسلمين فيها الأزمة ، وأحاط بهم الذّعر ، وكلب العدوّ. وسيمرّ من ذلك ما فيه كفاية (٩). وكان فتى أيّ فتى ، لو ساعده الجدّ ، والأمر لله من قبل ومن بعد.
__________________
(١) هذه الترجمة الكاملة لأبي الجيوش نصر وردت في اللمحة البدرية (ص ٧٠ ـ ٧٧) كما هنا.
(٢) في اللمحة البدرية (ص ٧٠): «ملأ».
(٣) صناعة التعديل : علم الفلك.
(٤) في اللمحة : «التقاويم الحسنة والجداول الصحيحة الظريفة ، ويصنع ...».
(٥) في اللمحة : «العجيبة».
(٦) كلمة «أمر» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من اللمحة البدرية ، (ص ٧٠).
(٧) في اللمحة : «في رفيع اللباس وملوكي البزة آية ...».
(٨) في اللمحة : «واحتذى مرسوم».
(٩) في اللمحة : «الكفاية».